تواصل شركات بناء المنازل في الولايات المتحدة مواجهة تراجع واضح في الطلب، وسط مخاوف متزايدة لدى المشترين المحتملين من مستقبل الاقتصاد الأميركي، ما دفع العديد من الشركات إلى خفض أسعار بيع المنازل بوتيرة هي الأعلى منذ ثلاث سنوات، بحسب مسح الثقة الشهري الصادر عن الرابطة الوطنية لبناة المنازل.
ووفقًا لما نقلته شبكة CNBC، شهد مؤشر ثقة شركات البناء ارتفاعًا طفيفًا في يوليو بمقدار نقطة واحدة، ليصل إلى 33 نقطة. ورغم هذا التحسن المحدود، إلا أن بقاء المؤشر دون مستوى 50 نقطة للّشهر الخامس عشر على التوالي يُعد إشارة سلبية تعكس استمرار الضغوط على القطاع.
وقد جاء هذا التحسن الطفيف مدفوعًا بتأثير قانون الميزانية الجديد الذي أُقر مؤخرًا، والذي يتضمن إعفاءات ضريبية موجهة للأسر وشركات البناء والمشاريع الصغيرة، ما وفر بعض الأمل في تعزيز الزخم الاقتصادي بعد أداء مخيّب خلال فصل الربيع.
لكن التحديات ما زالت قائمة، وأبرزها استمرار ارتفاع معدلات الرهن العقاري عند مستويات مرتفعة نسبياً، ما يضغط على قدرة المشترين على تحمل التكاليف، ويعيق تعافي السوق العقاري. وفي هذا السياق، صرّح بادي هيوز، رئيس مجلس إدارة الرابطة الوطنية لبناة المساكن، بأن “العام 2025 يبدو ضعيفًا لقطاع الإسكان بسبب محدودية القدرة على تحمل الأسعار، وخاصة بفعل أسعار الفائدة المرتفعة”.
وفي محاولة لامتصاص هذا التباطؤ، أقدمت 38% من شركات البناء على خفض أسعار الوحدات السكنية خلال يوليو، وهي النسبة الأعلى منذ بدء تتبع هذا المؤشر في عام 2022. مقارنةً بشهر أبريل، حين خفّضت الأسعار 29% فقط من الشركات. وقد بلغ متوسط التخفيض في الأسعار حوالي 5%، وهو نفس المعدل الذي استمر منذ نوفمبر الماضي.
ولجأت بعض الشركات إلى خفض معدلات الفائدة ضمن التمويلات العقارية المقدمة للمشترين، في محاولة لجذبهم دون المساس بأسعار البيع، إلا أن ذلك أثر على هوامش الربح. وحذر جوناثان وولوشين، محلل قطاع العقارات في بنك UBS، من أن استمرار الشركات في الجمع بين تخفيض معدلات الفائدة وأسعار البيع قد يؤدي إلى انخفاض أكبر في الربحية وإجمالي أرباح الأسهم، مؤكدًا أن من الصعب تعويض هذا التراجع بزيادة المبيعات أو تحسين الكفاءة التشغيلية.
وفي تفاصيل مؤشر ثقة شركات البناء، ارتفعت ظروف المبيعات الحالية إلى 36 نقطة (+1)، بينما سجلت توقعات المبيعات خلال الأشهر الستة المقبلة ارتفاعًا إلى 43 نقطة (+3). في المقابل، تراجعت حركة المشترين المحتملين إلى 20 نقطة، وهو أدنى مستوى لها منذ نهاية عام 2022.
وأكد روبرت ديتز، كبير الاقتصاديين في الرابطة، أن التحديات المرتبطة بقدرة المشترين على تحمل التكاليف ستؤدي إلى انخفاض في معدلات بدء بناء المساكن العائلية خلال عام 2025، مضيفًا أن تصاريح البناء انخفضت بنسبة 6% منذ بداية العام، في إشارة إلى استمرار الضغوط الهيكلية في السوق.
وبذلك، يقف قطاع البناء الأميركي عند مفترق طرق، حيث تسعى الشركات جاهدة لموازنة التكاليف والطلب في بيئة اقتصادية يخيّم عليها الحذر ومعدلات الفائدة المرتفعة، ما يجعل طريق التعافي مليئًا بالتحديات.