ممارسات تقدير أضرار الحوادث: أين العدالة؟
د. عبدالحكيم بن عبدالله الخرجي
في الوقت الذي تسعى فيه المملكة إلى تعزيز العدالة بين أطراف العلاقة التأمينية، برزت إشكالية تتطلب معالجة عاجلة: آلية تقدير أضرار المركبات التي تعتمدها شركات التأمين.
والمشكلة تكمن في أن التعويض المالي للمستهلك غالباً ما يُحتسب بناءً على تقرير جهة تقدير معتمدة، دون مراعاة موضوعية أو فنية كافية لحجم الضرر الحقيقي. وقد بات من الملاحظ أن تلك الجهات تميل إلى تقدير تكلفة «إصلاح» القطعة المتضررة بدلاً من استبدالها، حتى في الحالات التي يكون فيها الاستبدال هو الخيار المنطقي والفني السليم لتحقيق العدالة.
هذا التقدير الناقص يترك المستهلك أمام ثلاث مشكلات رئيسية:
- انخفاض قيمة التعويض مقارنة بالضرر الفعلي.
- عدم تغطية فترة تعطل المركبة أثناء الإصلاح.
- خسارة القيمة السوقية للمركبة بسبب تلف أجزاء رئيسية تم إصلاحها بدل استبدالها.
والأخطر من ذلك، هو أن بعض التقديرات تبدو وكأنها ثمرة تنسيق غير معلن بين شركات التأمين وجهات التقدير، بما يخل بمبدأ الحياد ويقوّض حماية المستهلك.
إن العدالة التأمينية تتطلب أن يعود حال المركبة إلى ما كانت عليه قبل الحادث، لا أن يتحمّل المتضرر نتيجة خلل في التقدير. ومن هنا، فإن على الجهات الرقابية، وعلى رأسها هيئة حماية المستهلك والبنك المركزي السعودي (ساما)، التحرك من أجل:
– إعادة ضبط معايير التقدير وضمان استقلاليتها.
– تمكين المستهلك من الاعتراض على التقدير أمام جهات فنية محايدة.
– إلزام شركات التأمين بالتعويض العادل، شاملاً الأضرار غير المباشرة.
في الختام، لا بد من التأكيد أن نظام التأمين العادل ليس فقط في الأقساط، بل في الوفاء العادل عند التعويض، وإلا فالعلاقة بين المستهلك وشركات التأمين ستبقى مختلّة، على حساب الطرف الأضعف.
@Dr_alkharji