في ظل تصاعد وتيرة نمو الائتمان وتزايد الضغوط على السيولة، تتجه البنوك الخليجية نحو تسجيل رقم قياسي جديد في إصدارات أدوات الدين المقومة بالدولار، مع توقعات بأن تتجاوز هذه الإصدارات حاجز الـ60 مليار دولار بنهاية عام 2025، وفقًا لتقرير حديث صادر عن وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني.
البنوك الخليجية تقترب من إصدار ديون قياسية
ووفق التقرير، تمكنت البنوك الخليجية من جمع 55 مليار دولار من أدوات الدين منذ بداية العام وحتى الآن، أي ما يعادل نحو 30% من إجمالي إصدارات ديون البنوك في الأسواق الناشئة المقومة بالدولار. ويشكل هذا الرقم قفزة كبيرة مقارنة بـ36 مليار دولار تم جمعها خلال عام 2024 بأكمله، كما أن نصف هذه الإصدارات تمثل صكوكًا إسلامية، ما يعكس استمرار الطلب القوي على الأدوات المتوافقة مع الشريعة.
البنوك السعودية في الصدارة
وجاءت البنوك السعودية في الصدارة بإجمالي إصدارات بلغت 28.3 مليار دولار منذ بداية 2025، متفوقة بفارق كبير على نظيراتها في الإمارات التي بلغت إصداراتها 11 مليار دولار فقط، تلتها البنوك القطرية ثم الكويتية.
هذا التوسع في الإصدارات السعودية يأتي على خلفية تحديات السيولة التي تواجهها البنوك في المملكة، حيث تجاوزت نسبة القروض إلى الودائع حاجز الـ100%، مما يعكس فجوة متنامية بين نمو الودائع والنشاط الإقراضي المتسارع.
أسعار الفائدة
وفي ظل ترقب خفض محتمل في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، سارعت البنوك السعودية إلى تأمين التمويل من خلال أدوات الدين طويلة الأجل.
من أبرز الإصدارات، جمع “مصرف الراجحي” 2.5 مليار دولار من خلال طرحين للصكوك، بينما جمع “البنك السعودي الفرنسي” 2.4 مليار دولار، وهو البنك الذي يملك الأمير الوليد بن طلال حصة الأغلبية فيه عبر شركة المملكة القابضة.
وتتوقع “فيتش” استمرار الزخم في الإصدارات خلال عام 2026، مدعومًا بعدة عوامل، من بينها خفض إضافي محتمل لأسعار الفائدة الأمريكية، واستحقاقات ديون بنحو 36 مليار دولار في المنطقة، واستمرار شح السيولة المحلية، خاصة في السعودية والإمارات.
ورغم أن صافي الالتزامات الأجنبية للبنوك السعودية مرشح للبقاء أعلى من 3% من أصول القطاع، ما قد يضغط على الجدارة الائتمانية، فإن الوكالة تشير إلى أن اعتماد القطاع على التمويل الخارجي ما يزال محدودًا عند 11.4% فقط من إجمالي الالتزامات خلال أول ثمانية أشهر من العام الجاري.
وفي خطوة تهدف إلى تنويع مصادر التمويل المحلي، أطلقت المملكة مؤخرًا أول سوق لتوريق الديون العقارية، حيث نفذت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري أول صفقة من نوعها، ما يتيح للبنوك تحويل التمويلات السكنية إلى أوراق مالية قابلة للبيع، وفتح المجال أمام مزيد من الإقراض وتحفيز النمو الاقتصادي.
تأتي هذه التحركات في وقت حرج للبنوك الخليجية، التي تجد نفسها مطالبة بتأمين السيولة اللازمة لاستيعاب النمو الائتماني، ومواكبة التغيرات في بيئة السياسة النقدية العالمية.