تأثير السياسات الاقتصادية والمالية على سوق العقارات السعودي
المعماري د.هشام القاسم
يُعد سوق العقارات في السعودية من أكثر القطاعات تأثرًا بالسياسات الاقتصادية والمالية، حيث تلعب أسعار الفائدة، التمويل العقاري، والسياسات المصرفية دورًا مباشرًا في حركة العرض والطلب ومستوى الأسعار.
مؤشرات حديثة
وفقًا لبيانات البنك المركزي السعودي (ساما)، بلغت القروض العقارية القائمة حتى الربع الأول من 2025 نحو 922.2 مليار ريال، بزيادة سنوية تفوق 15٪. كما سجلت القروض السكنية الجديدة الممنوحة للأفراد من يناير إلى أبريل 2025 حوالي 34.1 مليار ريال، بزيادة 24٪ مقارنة بالفترة نفسها من 2024. وتشير تقارير (CBRE) إلى أن تمويل الرهن العقاري ارتفع في الربع الأول من 2025 بنسبة 28.3٪، بينما صعد مؤشر أسعار العقارات السكنية بنحو 5.1٪، مدفوعًا بزيادة أسعار الأراضي والفيلات.
دور أسعار الفائدة والسياسات المصرفية
ارتفاع أسعار الفائدة يزيد تكلفة الاقتراض ويحد من قدرة الأفراد على الحصول على قروض جديدة، مما يضغط على الطلب. في المقابل، انخفاض الفائدة أو تثبيتها يشجع على التوسع في التمويل العقاري. وتظل شروط البنوك – مثل حجم الدفعة الأولى ونسب الاستقطاع – مؤثرة بقوة في تحديد حجم الطلب.
أثر السياسات الحكومية
برامج الدعم مثل «سكني» والتمويل المدعوم ساهمت في تخفيف أثر ارتفاع الفائدة، وزادت من إقبال المواطنين على التملك، ما يفسر استمرار نمو القروض رغم الضغوط الاقتصادية.
التحديات
رغم النمو، يظل التحدي في ضمان قابلية التملك للفئات المتوسطة، خاصة مع ارتفاع الأسعار في المدن الكبرى، كما يثير الاعتماد المتزايد على القروض مخاطر في حال حدوث تغيرات مفاجئة في السياسة النقدية أو أسعار النفط.
توصيات لتحسين التوازن
- تثبيت أسعار الفائدة أو اعتماد آليات دعم مؤقتة للقروض السكنية عندما تكون المعدلات مرتفعة، لحماية المستهلك.
- تشجيع التمويل البديل (سندات عقارية، الشراكات الخاصة، صندوق تمويل عقاري مدعوم) لتوسيع مصادر التمويل بعيدًا عن الاعتماد فقط على البنوك التجارية.
- تقديم برامج دعم مستهدفة للفئات المتوسطة والمنخفضة، كخفض نسبة الدفعة الأولى أو تمديد فترات السداد.
- مراقبة التضخم وبشكل خاص تكاليف البناء والمواد، لأنها تؤثر بشكل كبير على تكلفة العقارات النهائية.
- تعزيز الشفافية في البيانات: نشر مؤشرات دورية للقروض العقارية، متوسط أسعار الفائدة على القروض العقارية، متوسط نوعية العقارات المشتراة (شقق/فيلات) حسب المدن.
البيانات تؤكد أن السوق العقاري السعودي يتمتع بزخم قوي مدفوع بالتمويل والسياسات الداعمة، لكن استدامة هذا النمو تتطلب إدارة متوازنة لأسعار الفائدة، ضبط شروط التمويل، ودعم الفئات الأكثر حاجة. فالنجاح يكمن في جذب الاستثمارات وتحقيق التوازن مع حماية حق المواطن في السكن.
@ArchHesham