السياحة العقارية والمشاريع الترفيهية: معادلة الجذب والاستثمار
المعماري د. هشام القاسم
لم تعد العقارات اليوم مجرد مبانٍ تُشيّد أو وحدات تُباع وتُشترى، بل أصبحت جزءاً من منظومة اقتصادية وسياحية أوسع. فالعقار حين يرتبط بالسياحة الترفيهية يتحوّل من حجارة صامتة إلى تجربة حيّة تُغري المستثمر والزائر على حد سواء.
في المملكة العربية السعودية، يبرز هذا المشهد بوضوح مع المشاريع الكبرى التي تقودها «رؤية 2030». خذ على سبيل المثال مشروع البحر الأحمر، حيث لا يقتصر الاستثمار على بناء المنتجعات والفنادق، بل يمتد إلى تأسيس نمط جديد من السياحة الفاخرة التي تعزز قيمة الأراضي المحيطة وتجذب رؤوس الأموال الأجنبية.
ولعل ما يميز السياحة العقارية أنها تخلق دورة اقتصادية متكاملة: فالمشاريع الترفيهية الكبرى تجذب الزوار، والزوار يحتاجون إلى أماكن للإقامة والشراء والاستثمار، فيرتفع الطلب على الشقق السكنية والفيلات والمحال التجارية. وهكذا يتحوّل العقار من وحدة جامدة إلى أصل استثماري حيّ يتفاعل مع السوق.
الأرقام تدعم هذه الرؤية؛ إذ توقعت تقاريرOxford Economics أن يسهم قطاع السياحة في الناتج المحلي السعودي بما يزيد على 10% بحلول 2030، وهو ما ينعكس مباشرة على سوق العقارات السياحية التي ستشهد طلباً متزايداً سواء في المدن الرئيسة أو في الوجهات الجديدة.
لكن الأهم من ذلك أن المشاريع الترفيهية تغيّر الخريطة الذهنية للاستثمار العقاري. فالعقار المجاور لمدينة ترفيهية كبرى، أو المطل على واجهة سياحية عالمية، يحمل قيمة مضاعفة مقارنة بنظيره في منطقة تقليدية. وهذا ما يجعل «السياحة العقارية» ليست رفاهية، بل استراتيجية استثمارية قائمة بذاتها.
إننا أمام عصر جديد تتداخل فيه المتعة مع الاستثمار، والسياحة مع العقار، حيث لم يعد شراء منزل أو وحدة سكنية قراراً محصوراً بالاحتياجات المعيشية، بل أصبح بوابة لدخول عالم من الفرص الترفيهية والاقتصادية معاً.
@ArchHesham