انطلقت اليوم في العاصمة السعودية الرياض فعاليات النسخة التاسعة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، أحد أبرز المنصات الاقتصادية العالمية، بمشاركة واسعة من رؤساء دول ووزراء وقادة صناديق الثروة السيادية وكبار التنفيذيين ورواد الأعمال، وذلك في مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات، تحت شعار “مفتاح الازدهار”.
وتأتي هذه النسخة في وقت تشهد فيه المملكة العربية السعودية نموًا اقتصاديًا لافتًا، إذ ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 24% خلال عام 2024 ليصل إلى 31.7 مليار دولار، بينما يقف صندوق الاستثمارات العامة كأحد أقوى الصناديق السيادية عالميًا بإجمالي أصول تتجاوز 900 مليار دولار، ما يجعل من المملكة محورًا رئيسيًا في رسم ملامح الاقتصاد العالمي الجديد، وفقاً لمعالي الأستاذ ياسر بن عثمان الرميان محافظ صندوق الاستثمارات العامة ورئيس مجلس إدارة أرامكو السعودية، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار
وفي كلمته الافتتاحية لمؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، ألقى الرميان، كلمة ترحيبية أكد فيها أن المؤتمر أصبح الملتقى الأهم عالميًا لصنّاع القرار والمستثمرين، مشيرًا إلى أن المنصة شهدت منذ انطلاقها قبل أقل من عقد إبرام صفقات تجاوزت قيمتها 250 مليار دولار.
وقال الرميان: “لقد قطعنا شوطًا كبيرًا، لكن هذا العام علينا أن نرفع مستوى تأثيرنا إلى آفاق أعلى. إن قوة رأس المال التي يمثلها الحاضرون اليوم تمنحنا مسؤولية كبرى وفرصة أعظم لتشكيل مستقبل الاقتصاد العالمي.”
وأضاف أن العالم يعيش مرحلة تحولات اقتصادية وتقنية متسارعة، لم تعد فيها النماذج القديمة قادرة على مواكبة التغيرات، مشددًا على ضرورة تعاون الحكومات والقطاع الخاص كشركاء حقيقيين لخلق نموذج جديد من النمو المشترك والازدهار العالمي.
وأشار الرميان إلى أن الناتج المحلي الإجمالي العالمي تجاوز 111 تريليون دولار، ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 2.8% هذا العام، وفقًا لتقرير الأولويات السنوي للمنتدى، موضحًا أن 66% من الناس يشعرون بالإيجابية تجاه حياتهم، لكن 37% فقط متفائلون بمستقبل العالم، في حين يخشى 69% من فقدان وظائفهم بسبب المنافسة الأجنبية، وهو ما يبرز الفجوة بين الأمل الفردي والتشاؤم الجماعي.
ونوّه معاليه بأن التقنية قادرة على تقليص هذه الفجوة إذا أُتيحت للجميع، لكنه حذّر من أن ثلاثة من كل أربعة أشخاص يخشون أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى توسيع الفجوة التعليمية بين المجتمعات، مشددًا على أن العالم يجب أن يتكاتف لمواجهة أوجه عدم المساواة التي أعاقت التقدم الإنساني، خصوصًا مع بقاء نحو 808 ملايين شخص (10% من سكان العالم) يعيشون في فقر مدقع حتى عام 2025.
وأكد الرميان أن التحديات تولّد فرصًا جديدة لتسخير رأس المال العالمي في تحقيق الأمن والاستقرار واستحداث فرص عمل وتحفيز النمو، داعيًا الحكومات إلى تبنّي سياسات مرنة وتنظيم ذكي يوازن بين الانفتاح والرقابة لتحقيق التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن رؤية المملكة 2030 بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، أرست معيارًا عالميًا جديدًا في التحول الاقتصادي، وقال: “تسع سنوات مضت على إطلاق الرؤية، والنتائج واضحة في كل مكان؛ مدن جديدة، صناعات متطورة، منظومات متكاملة، وسلاسل إمداد مبتكرة. لقد قدمنا المملكة للعالم، والآن العالم يأتي إلى المملكة.. إلى مبادرة مستقبل الاستثمار، وإلى إكسبو 2030، وكأس العالم 2034.”
واختتم كلمته بالتأكيد على أن الثروة في المملكة لا تُقاس بالأرقام، بل بازدهار الإنسان، مبينًا أن الرياض هذا الأسبوع تتحول إلى منصة للتعاون العالمي تُبرم فيها شراكات عابرة للحدود تُحدث أثرًا حقيقيًا، مشيرًا إلى أن فعاليات النسخة التاسعة ستُختتم بإعلان يوحّد قادة العالم في سعي مشترك نحو التقدم والازدهار للجميع.