ضبط العلاقة الإيجارية..
خطوة نحو توازن السوق
د. عبدالحكيم بن عبدالله الخرجي
لقد عانى سوق الإيجار في السنوات الأخيرة من اضطراب متكرر في الأسعار وتجدد الخلافات بين الملاك والمستأجرين، لا سيما في المدن الكبرى التي شهدت ارتفاعات متسارعة في القيم الإيجارية. ومن هنا جاءت هذه الأحكام لتضبط الإطار النظامي وتضع حدودًا واضحة لما يجوز وما لا يجوز في تحديد الأجرة والتجديد وإنهاء العلاقة التعاقدية.
أولاً: تحديد الأجرة ومنع الزيادات غير المبررة
من أبرز ما تضمنته أحكام ضبط العلاقة بين المؤجر والمستأجر، النص على أنه لا يجوز للمؤجر زيادة الأجرة الإجمالية في العقود القائمة أو الجديدة، إلا ضمن ضوابط محددة، أبرزها أن تكون الزيادة مبررة بأعمال ترميم إنشائية أو جوهرية أثّرت فعلاً في قيمة العقار، أو إذا كان آخر عقد إيجار أبرم قبل عام 2024م.
هذه الصياغة تعني أن المنظم وضع حدًا للزيادات العشوائية، وربط أي تعديل في القيمة بأسباب واقعية وفنية، مما يعزز الثقة ويحدّ من استغلال المستأجرين أو تضخيم أسعار الإيجار.
ثانيًا: ضمان حق المستأجر في تجديد العقد واستمرار الانتفاع
أكدت الأحكام على أن الأصل هو تجديد العقد تلقائيًا، ما لم يُشعر أحد الطرفين الآخر بعدم الرغبة قبل 60 يومًا على الأقل من انتهاء العقد، واستثنت حالات محددة تتيح للمؤجر الامتناع عن التجديد، كعدم السداد أو وجود عيوب إنشائية في العقار أو رغبته في استخدامه الشخصي.
وهذا التوازن بين حق المؤجر وحق المستأجر يمثل روح النظام المدني الذي يقوم على مبدأ استقرار التعاملات وتكافؤ الحقوق.
ثالثًا: نطاق التطبيق وضمان التنفيذ
تُطبق هذه الأحكام مبدئيًا على مدينة الرياض لمدة خمس سنوات، على أن يكون لمجلس إدارة الهيئة العامة للعقار -بعد موافقة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية- صلاحية التوسّع في تطبيقها على مدن أخرى وفق مؤشرات ومعايير محددة.
كما ألزمت المؤجرين والمستأجرين بتسجيل العقود في شبكة «إيجار» خلال مهلة محددة، وأقرت عقوبات مالية تصل إلى ما يعادل قيمة 12 شهرًا من الأجرة لمن يخالف البنود النظامية.
رابعًا: الأثر النظامي في المدى المتوسط
يتوقع أن تسهم هذه الأحكام في تهدئة سوق الإيجار وتحقيق توازن بين العرض والطلب، وتخفيض النزاعات الإيجارية التي تشغل اللجان القضائية، إضافة إلى تعزيز الشفافية والرقابة النظامية من خلال التسجيل الإلكتروني للعقود وضبط بياناتها.
@Dr_alkharji