كان صديقي وكان اكثر من ذلك بل كان أخي الذي أحسستُ يوما بأنه ينتابني الفخر اذا ما دُعيت بإسمه وكان بيننا عهد وميثاق وحكايات وأشواق، عرفني عن قرب وعرفته بقلب وأهداني سره وأودعت عنده مفاتيح سري والسرُ كما البئر في رأيه وكما قيل ( ضع سرك في بير! ) ولكن العمق في هذا المعنى سطحيٌ جدا لأن البئر فيه ماء وقد تطفوا على سطحه الأشياء ومنها أسراري فتصبح بين يدي كلِ العطشى الغارفين من ذلك البئر!
من منا ليس لديه صديق او اخ او رفيق، تعددت الأسماء والمعنى واحد والاصدقاء هم كالأشجار تختلف عن بعضها الأخر بإختلاف الارض والثمرة وغيرها فالنخلة الشاهقة ليست كالسنبلة الحاملة والغصن المائل ليس كغصن شجرة العنب تنمو وتثمر مع ميلانها!!
فلسفة لا يفهمها الا من عرف الصديق وثارت حروفه ومعانيه بين صدور الاوفياء حتى رسمت أجمل صورة ولونتها مواقف الدهر فلاشيء يُضفي حُسنا على ملامحنا الا هم وبلاشك قهوتي عند الصباح،!قال المتنبي
شرُ البلاد بلادٌ لا صديق بها
وشرُ ما يكسب الإنسانُ مايصَمُ
لا يمكن أن تجد ما يعوضك عن لحظة فاتنة ترى بها صديقك الصدوق ويراك بمثلها فالمكان الذي يخلو منه الأصدقاء أجده كالصحراء قاحلة مدببة ترمي بأطرافها وتطرد دموع السماء!
ياصديقي أنت لست بقدوتي ولا أنا ولكن التجارب بيننا تكفل بأن نعرف أن قلبيّنا شواهد وهي بين يديّ الرحمن يقلبهما كيفما يشاء،
فلا تكن ثائرا على لحظة غضب أدت إلى إنكسار تلك السنبلة أو دقة منشارٍ حطمت جذع تلك النخلة.
*كاتب / مستشار تنمية بشرية