يعد الوقف من الروافد الاقتصادية المهمة على امتداد التاريخ الإسلامي، حتى إن أماكن التعليم والعلاج والإيواء للعجزة والأيتام إنما كانت تستمد قوتها من الأوقاف ، وهذا ما يجعل للوقف أهمية كبيرة، وخصوصا مع الرؤية الجديدة للمملكة العربية السعودية في سنة 2030م، والتي تم التركيز فيها على الروافد غير النفطية، ولذا فإن الوقف له أهميته الكبيرة في بحث مسائله بنظر فقهي يراعي تغيير الأوقات والأزمان، وفتح الأبواب لمن يرغب في الأعمال الخيرية دون قيود.
وفي هذا الحوار المتسلسل يجيب الدكتور عبد العزيز بن سعد الدغيثر، على الكثير من القضايا المتعلقة بالوقف.
نرجو منك في البدء التطرق لفضل الأوقاف وأهميتها في الشريعة الإسلامية؟
وفي الحقيقة شرع لنا – صلى الله عليه وسلم – الوقف لحكم عظيمة، فهو من أعظم محاسن هذا الدين إذ هو رافد اقتصادي خيري دائم يدوم النفع به ما دام الوقف مستمرا مع الاهتمام به. وقد زاد من اهتمام المسلمين بالوقف أثره الدائم وأجره المتواصل فقد قال زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: « لم نرَ خيراً للميت ولا للحي من هذه الحُبُس الموقوفة، أما الميت فيجري أجرها عليه وأما الحي فتحتبس عليه ولا توهب ولا تورث ولا يقدر على استهلاكها «. وقال جابر رضي الله عنه: ( لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلا وقف ).
وانتشرت الأوقاف بين المسلمين، سواءً في ذلك الغني منهم ومتوسط الدخل كل بحسبه – فمنهم من أوقف عقاراً ومنهم من أوقف مصحفاً أو كتاباً، بل منهم من أوقف قدراً للطبخ وصدق الله ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره).
والناس بحاجة إلى تذكيرهم بأهمية الوقف وفوائده العاجلة والآجلة، وفي كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعمل الصحابة رضي الله عنهم خير دافع إلى عودة هذه العبادة التي كانت إلى زمن قريب شائعة بين الناس، ثم حصل فتور وضعف، ونرى بوادر العودة بادية بعد الجهود التي يقوم بها المختصون في الأوقاف من توعية وتسهيل لإجراءات تسجيل الأوقاف، والحمد لله على ذلك.
1 – ما المقصود بالوقف، وما شروط صحته؟
الوقف في اللغة: الحبس، ويعرف في الاصطلاح الشرعي بأنه: تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة على بر أو قربة، وله أنواع أربعة هي:
1. الوقف الخيري:
هو ما يصرف ريعه ومنفعته إلى جهة خيرية.
2. الوقف الأهلي:
هو ما جعل استحقاق الريع فيه لأشخاص معينين بالذات أو الوصف، سواء أكانوا ذرية (الوقف الذري) أم أقارب أم غيرهم ثم يؤول لجهة خيرية بانقراضهم.
3. الوقف المشترك:
هو وقف على الأقـــــــارب وأعمــــــــــــــال الخيــــــــــــر معاً.
4. الوقف على النفس:
وهو أن يوقف الواقف على نفسه مدة حياته ثم للجهة التي عيّنها كذريته أو أعمال الخير.
والوقف مستحب بالاتفاق، لحديث حديث أبي هريرة مرفوعا:» إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلى من ثلاث، صدقة جارية…».
وهو عقد صحيح، وهو لازم بمجرد القول أو بما يدل عليه.
ويشترط لصحة الوقف شروط ستة هي:
1. أن يكون الواقف جائز التصرف وهو الحر المكلف الرشيد.
2. أن يكون الموقوف مما ينتفع به انتفاعا مستمرا، وفي تفاصيل هذا الشرط خلاف.
3. أن يكون الوقف منجزا في الحال إلا إن كان معلقا بعد الموت فيصير وصية، وفي تفاصيل هذا الشرط خلاف.
4. أن يكون الموقوف معينا.
5. أن يكون المعين مما يملك ملكا ثابتا، وفي تفاصيل هذا الشرط خلاف.