أبدى سعادة السفير أردوغان كوك، سفير الجمهورية التركية في الرياض سعادته العميقة بعمله سفيراً لتركيا بالمملكة العربية السعودية، وقال إنه يعتبر نفسه في وطنه، وذلك بعد أكثر من أربعة أشهر مضت على توليه المهام سفيراً للجمهورية التركية في الرياض.
وفي هذا التقرير تحدث سعادة السفير أردوغان كوك, لصحيفة أملاك العقارية التي التقت به في مكتبه بحي السفارات في الرياض, حول الاستثمارات العقارية للسعوديين في تركيا، وأدلى بالكثير من المعلومات والآراء.
السعودية وتركيا علاقات وطيدة وقوية
وحول علاقات البلدين استهل سعادة السفير حديثه لـ «أملاك» قائلاً: تمتلك المملكة العربية السعودية وتركيا علاقات وطيدة وقوية, وبالتالي أنه لشرف وامتياز كبير أن أعمل على توطيد العلاقات القائمة والممتازة بين الدولتين, وأنه من المُرضي ملاحظة أن عدداً كبيراً من إخواننا وأخواتنا السعوديين قد سافروا بالفعل إلى تركيا وعادوا يحملون ذكريات سعيدة, كما أعرف أن العديد منهم يمتلكون عقارات في تركيا ويقضون وقتاً طويلاً هناك.
وبيّن «كوك» أن الجمهورية التركية تسمح لضيوفها السعوديين بدخول تركيا بسهولة من خلال نظام تقديم طلبات التأشيرة الإلكترونية أو بدلاً من ذلك الحصول على بطاقات التأشيرة عند الوصول إلى تركيا, وتبنت السفارة التركية في الرياض أيضاً برنامج تأشيرة سريعة التعقب للمواطنين الأجانب الذين هم جزء من عائلات ضيوفنا السعوديين والذين سيرافقون عائلاتهم المضيفة خلال زياراتهم إلى تركيا, علاوة على ذلك، يعمل المستشار التجاري للسفارة وممثل وكالة ترويج الاستثمار التركية بجهد كبير لمساعدة المستثمرين السعوديين مع السلطات المختصة في تركيا, كما يقدم القسم القنصلي خدمات الكاتب العدلي للمواطنين الأجانب، مما يجعل من الممكن تنفيذ عدد كبير من المعاملات من مسافة بعيدة.
العلاقات الثنائية في العقارات
وأكد «السفير» أن علاقات الاستثمار العقاري بين تركيا والمملكة العربية السعودية قد ازدادت في السنوات الأخيرة، وأفاد بأن ذلك يعود جزئياً إلى أن التشريع الحالي في تركيا مناسب جداً للاستثمارات السعودية, ولأن «السعوديين» يشعرون بأنهم يمتلكون صلة ثقافية بتركيا ويشعرون بأنهم في وطنهم؛ لذلك يعد السعوديون ثاني أكبر مجموعة مستثمرين من حيث إجمالي عدد عمليات شراء الوحدات السكنية في تركيا، حيث تم شراء 3.545 وحدة عقارية في تركيا من قبل مواطنين سعوديين في عام 2017.
وقال: «يشتري معظم السعوديين عقارات سكنية في مدينة اسطنبول وطرابزون، حيث يفضل أصدقاؤنا السعوديون اسطنبول بسبب موقعها المتميز وبنيتها التحتية الجيدة وتاريخها وثقافتها الغنية بالإضافة إلى الحياة الاجتماعية في المدينة وقيم الإيجار المتزايدة».
وأضاف: السعوديون يحبذون مدينة طرابزون والبلديات المحيطة بها بسبب الهضاب الخضراء والمناخ المداري المعتدل, كما ترتبط مدينة طرابزون بالرياض برحلات مباشرة ومنتظمة على مدار العام بالإضافة لرحلات إضافية في فصل الصيف, وهناك أيضاً طلباً متزايداً على يالوفا، سبانجا وبورصة حيث النباتات الخضراء ودرجات الحرارة المدارية الباردة تجعلها مريحة للغاية بالنسبة للسياح, مع الأخذ في الحسبان أن الطلب المتزايد من جانب المستثمرين السعوديين في سوق العقارات من المرجح أن يستمر ويزداد في السنوات القادمة.
بجانب الطلب المتزايد على العقارات السكنية، فإن قطاع العقارات التجارية في توسع حيث أنه المكان الذي تتركز فيه أكبر الاستثمارات العقارية السعودية، فعلى سبيل المثال، امتلكت شركة سعودية برجاً مكتبياً في مجمع بناء بارز, أما بالنسبة لآخرين لم يقتصر الأمر على الحصول على الأراضي ومشاريع البناء القائمة فقط، بل أنهم بدأوا بالفعل في تطوير وتحقيق مشاريعهم الخاصة.
تركيا اقتصاد ديناميكي ضمن دول مجموعة الـ 20
وحول الاقتصاد التركي وفاعليته أوضح سعادة السفير أردوغان كوك، أن تركيا تمثل اقتصاد ديناميكي متنامٍ في دول مجموعة العشرين «G2 » الذي يربط بين الشرق والغرب بطريقة فريدة, وبالإضافة إلى كونها واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، وتدعم تركيا نمو المستثمرين الدوليين من خلال جدول أعمال ملائم ومن خلال الوصول إلى سوق محلية كبيرة وأسواق دولية مجاورة, كما أن أساسيات السوق القوية، مثل السكان الشباب الديناميكيين الذين يبلغ متوسط أعمارهم 30 سنة، القوى العاملة المتعلمة ومعدل التوظيف المتزايد والطبقة المتوسطة المتنامية، بالإضافة إلى الموقع الجغرافي المميز والنظام السياسي الديمقراطي وسيادة القانون، كل ذلك ساعد في تحويل تركيا إلى واحدة من أسرع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD )نمواً, ومن حيث تعادل القوة الشرائية، يحتل اقتصاد تركيا المرتبة الـ13 على مستوى العالم اعتباراً من عام 2017. علاوة على ذلك، نما الاقتصاد التركي بنسبة 7.4٪ في عام 2017 وحافظ على معدل نمو سنوي بلغ 5.6٪ منذ عام 2003.
وبيّن أن موقع تركيا الواقع بمنتصف أوروبا، آسيا الوسطى والشرق الأوسط يتيح سهولة الوصول إلى أسواق أوروبا، الشرق الأوسط، شمال أفريقيا، آسيا الوسطى والخليج؛ حيث تضم هذه الأسواق أكثر من 1.6 مليار شخص، وتمثل إجمالي ناتج محلي بقيمة 28 تريليون دولار, تقع أكثر من نصف تجارة العالم في دائرة نصف قطرها أربع ساعات طيران من تركيا, وذلك يمثل أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت الشركات متعددة الجنسيات تختار تركيا كمركز إقليمي إستراتيجي لعملياتها, كما أن هناك مجموعة واسعة من الشركات العالمية في عدة قطاعات مثل الخدمات المالية، تكنولوجيا المعلومات، الإعلام، بالإضافة إلى المستحضرات الصيدلانية وتجارة التجزئة، تختار اسطنبول كمركز خدمات إقليمي للوصول إلى حوالي 90 دولة, وتعتبر اسطنبول هي المدينة الأكثر تطورا في تركيا من حيث مشتريات المكاتب، والتي تخدم العديد من الشركات الوطنية والمتعددة الجنسيات.
سبب آخر لزخم السوق العقاري التركي هو استثمارات البنية التحتية الضخمة, حيث يشكل الجسر المعلق الثالث عبر مضيق البوسفور والجسر المعلق في خليج ازميت وطريق شمال مرمرة، حجر الزاوية لشبكة نقل أكبر, علاوة على ذلك، يوجد خطط لبناء أطول جسر في العالم عبر مضيق Çanakkale الذي سيكمل نظاماً سلساً من الطرق السريعة التي تحيط ببحر مرمرة ويقدم طريقاً بديلاً بين أوروبا وآسيا. ومن المتوقع أيضاً أن يكون مشروع المطار الثالث في اسطنبول واحداً من أكبر المشاريع في العالم.
وأضاف: أن ما يستقطب اهتمام المستثمرين بسوق العقارات التركي، هي خصائص ديموغرافية قوية، مجالات النمو، إمكانية الوصول المعززة، بالإضافة إلى زيادة حجم الأعمال والتكاليف المنخفضة. كما أنه هنالك أيضاً عائدات إيجابية للأفراد في توفير الوقت والمال أو من حيث فرص العمل. كما أن إمكانية الوصول المحسنة تساعد في تطوير جميع الظروف الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة.
عقارات للأجانب
وحول شراء الأجانب للعقارات قال: «لقد تقدمت بيئة الاستثمار العقاري في تركيا بطريقة ملائمة للمستثمرين في السنوات الأخيرة، وبفضل الإصلاحات التي سمحت للأجانب بشراء جميع أنواع العقارات، بما في ذلك المنازل، المكاتب، الأراضي والمزارع. ومع ذلك ، فقد يتم تطبيق بعض القيود القانونية, وعلى أي حال، يجب على الأجنبي أن يتقدم بطلب للحصول على موافقة مكاتب السجل العقاري من أجل معرفة الشروط اللازمة للحصول على عقار معين, ويخضع المواطنون السعوديون لنفس القواعد التي يخضع لها نظرائهم الأتراك, إن سجل الأراضي في تركيا هو نظام مؤسس منذ مدى طويل، كما أنه نظام متقدم وموثوق به، حيث يتم تسجيل كل صفقة عقارية رسمياً, كذلك أن أرشيف سجل الأراضي متاح للعموم ويتم احترام جميع الحقوق القانونية بشكل صارم, وبالإضافة إلى دفاتر الحسابات الرسمية، يتم الاحتفاظ بمعلومات الحالة القانونية للممتلكات العقارية على النظم المحوسبة, كما أنه من المهم ملاحظة أن المواطن الأجنبي الذي يمتلك عقاراً في تركيا يحق له أيضاً التقدم بطلب للحصول على رخصة إقامة، ومرة أخرى، قد يتم تطبيق بعض القيود القانونية.
وعلاوة على ذلك، تم إدخال عدد من الإجراءات المالية إلى سوق الإسكان، مثل تخفيض ضريبة القيمة المضافة وضريبة الشركات، وإلغاء ضرائب الرسوم, أما بالنسبة لضرائب امتلاك العقارات، فلا يوجد فرق بين المواطنين الأتراك والسعوديين».
سوق الإسكان
وأوضح «كوك» فيما يخص سوق الإسكان التركي بأنه قد نما بشكل ملحوظ خلال السنوات العشر الماضية, حيث عزز المساهمون السوق بمعروضات سكنية جديدة وحديثة, وزيادة في المنفعة من الرهون العقارية بأسعار معقولة و زيادة في الطلب على الأبنية المقاومة للزلازل, كما أثرت الزيادة في الاحتياجات السكنية بسبب النمو السكاني والهجرة الحضرية على سوق البناء السكني, كما أن عدد الوحدات السكنية التي سيتم تجديدها أو إعادة بنائها بسبب عراقة الأبنية السكنية وبرامج التجديد العمراني يعدان أيضاً عوامل مهمة سوف تؤدي إلى توسع سوق العقارات السكنية في تركيا.
لطالما ركز تيار الاستثمارات العقاري في تركيا على العقارات السكنية, حيث أنه في الواقع، تجاوز عدد المنازل في تركيا التي يملكها الأجانب الـ 60.000 في وقت مبكر من عام 2015, وقد واجهت السوق منذ ذلك الحين رغبة قوية من جانب المستثمرين من دول مثل العراق وروسيا والمملكة المتحدة وألمانيا, وفي عام 2017، ارتفعت الاستثمارات العقارية الأجنبية التي أجراها الأجانب في تركيا من حيث المساحة بنسبة 15.9٪ مقارنة بالعام السابق وتم تسجيل زيادة بنسبة 17.1٪ من حيث الصفقات.
تجارة التجزئة
أظهر سوق التجزئة في تركيا نمواً قوياً خلال العقد الماضي على خلفية الزيادة الكبيرة في عدد سكان الطبقة الوسطى في البلاد والقوة الشرائية، بالإضافة إلى النمو الطويل الأجل والمستدام في كل من السياحة الدولية والمحلية, حيث يوجد هناك أكثر من 400 مركز تسوق في تركيا, والمدن التي تمتلك أكبر مراكز التسوق هي اسطنبول حيث يبلغ عددها أكثر من 100 مركز تسوق، أنقرة تمتلك أكثر من 30 مركز تسوق وإزمير لديها أكثر من مركز تسوق 20, فيما يبلغ إجمالي المساحة القابلة للتأجير 12,611.156 متر مربع. حيث تمثل اسطنبول حوالي 38٪ من إجمالي المساحة القابلة للتأجير، وتعتبر من أكثر أسواق التجزئة جاذبية، مقارنة بمدن مثل لندن، باريس، موسكو، ميلان ومدريد.
الخدمات المصاحبة.. القطاع اللوجستي
وعزز «كوك» من أهمية القطاعات المساندة للاستثمار والمستثمرين وبيّن أن قطاع الخدمات اللوجستية التركي يعتبر واحداً من أسرع أسواق الخدمات اللوجستية نمواً في العالم. حيث يقع سوق الخدمات اللوجستية الرئيس في منطقة مرمرة في تركيا، والتي تشمل محافظات اسطنبول و كوجالي, وقد ارتفعت معدلات التأجير في اسطنبول – كوجالي بنسبة 73% في نهاية عام 2017 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق, أما عن خط توزلا-غبزي في الأناضول، ومثلث اسينيورت هادميكوي كيراتش في الجانب الأوروبي، فقد بقيت هذه المناطق السوق الرئيسي ذات الطلب الأعلى في عام 2017, كما أن هناك مناطق بديلة مثل يلوا، سكاريا و تشاتالجا، وهي مناطق تجتذب الاهتمام باعتبارها مناطق لوجستية. بالنسبة لتنبؤات المنتصف، تأتي السوق الثانوية بيجيك وإسكيشهير والتي من المتوقع أن تكون في المقدمة باعتبارها مناطق لوجستية بالإضافة إلى خطوط النقل بالسكك الحديدية المتطورة لديها، علاوة على ظروف الاستثمار والمرافق الاجتماعية الاقتصادية, وتزداد الحاجة في اسطنبول وكوجالي إلى تنوع المنتجات من مستودعات ووسطاء التوزيع ومراكز التحميل كما أنها مناسبة للخدمات اللوجستية الحضرية.
الاستثمارات السياحية
وربط سعادة السفير أردوغان كوك ببن قطاعي (العقار والسياحة) في تركيا وقال: إنّ قطاع السياحة التركي هو مجال آخر محتمل للاستثمارات العقارية, حيث ارتفع عدد السياح الأجانب الذين زاروا تركيا بنسبة 27.8 ٪ في عام 2017 حتى بلغ 32.4 مليون سائحاً. في نهاية عام 2016 كان عدد الفنادق المسجلة في تركيا 3.641 فندقًا، تحتوي 426.981 غرفة, تمثل الفنادق فئة 5 نجوم 42.7٪ من القطاع الفندقي، بينما تحتلّ الفنادق فئة 4 نجوم ما مقداره 24.8٪ من مجمل الفنادق, وتشكل فئة 3 نجوم نسبة 12.6٪ من حصة السوق, كما تحتل أنطاليا المركز الأول بوجود 755 مرفقاً سياحياً يحتوي على 193 ألف غرفة, و تأتي اسطنبول في المرتبة الثانية بعد أنطاليا بوجود 531 مرفقاً بمجمل 51.000 غرفة, و تحتل موغلا المرتبة الثالثة بوجود 394 مرفقاً سياحياً بسعة 49.000 غرفة, وبالنظر إلى التسهيلات التي تتمتع بها شهادات الاستثمار، من المرجح أن تتوسع أعمال الفنادق في اسطنبول وأنطاليا.