أكد عدد من المختصين في الشأن القطاعي أن تطبيق وتفعيل نظام رسوم الأراضي البيضاء في جميع مراحله بشكل دائم، سوف يقضي على الاحتكار والمضاربة التي في تسود في سوق العقار، وأشاروا في استطلاعات واسعة أجرتها معهم صحيفة «أملاك» العقارية، أن ملاك الأراضي البيضاء أمام ثلاثة خيارات فقط، إما بيع تلك الأراضي والتخلص منها، أو الاستفادة بتطويرها أو تأجيرها للمستثمرين لعقود طويلة المدى.
وأمن الخبراء على أن هذا النظام يُعد من أهم قرارات الدولة الناجحة في سبيل العمل التنموي والتصحيح الشامل؛ لأنه يَصْب في مصلحة الأغلبية وفق أدوات مستحقة من الناحية الشكلية والجمالية للمدن.
المُلاك لم يستوعبوا التطوير العقاري
ومن جهته أوضح الخبير العقاري الدكتور عماد عبدالوهاب سالم (مجموعة جيرة العقارية)، أن معظم مُلاك الأراضي لم يستوعبوا بعد ماهية التطوير العقاري وكيف يمكن لهم أن يطوروا تلك الأراضي بأفضل الممارسات الممكنة والمتوفرة لديهم ضمن العديد من المبادرات والبرامج التي أطلقتها وزارة الإسكان لتعزيز دور التطوير العقاري والتشجيع عليه، وتقليل عامل المخاطرة المتوفر في عمليات التطوير العقاري. ولكنهم الآن حصروا أنفسهم في 3 خيارات فقط وهي بيع تلك الأراضي والتخلص منها، أو الاستفادة من خلال تطويرها أو تأجيرها للمستثمرين لعقود طويلة المدى في حال كانت تلك ذات طابع تجاري، أو سوف يكونوا مضطرين لدفع الرسوم.
التأثير في انتعاش السوق
وأضاف الدكتور عماد أن البرنامج نجح خلال الفترة الماضية في زيادة المعروض؛ مما كان له الأثر الإيجابي في انتعاش السوق بنسبة ليست بسيطة، ولكن السوق يحتاج إلى مراعاة أمور أخرى تساعد في تعزيز انتعاش السوق، والذي قد يكون من ضمنها الاهتمام بجودة وتنوع المنتجات والارتقاء بذائقة المستفيد النهائي من تلك المنتجات العقارية، وتوقع أن يحدث توازن في منحى العرض والطلب ببعض مدن المملكة، وشدد على أهمية تفعيل النظام بشكل دائم حتى يستطيع أن يُقضي على آفتي الاحتكار والمضاربة حتى تصل الأسعار إلى الحد المعقول.
الاستفادة من مبادرات وزارة الإسكان
وطالب الدكتور عماد الملاك بضرورة الاستفادة من رغبة البنوك المؤسسات المالية لتمويل مشاريع التطوير العقاري، وكذلك النظر الاهتمام بالجهود التي تبذلها وزارة الإسكان في تمويل شراء المنتجات العقارية السكنية، ويمكن الاستفادة من المبادرات المطروحة بإدخال الأراضي البيضاء إلى دائرة البناء والتشييد وفق شراكات بين الجهات ذات الصلة.
ثلاثة خيارات فقط أمام المُلاك
وبدوره، قال الخبير العقاري العبودي بن عبدالله (حاضنة المساكن العقارية) إن إطلاق المرحلة الثانية لرسوم الأراضي البيضاء وضعت الملاك أمام الأمر الواقع إذا لم يشرعوا الخيار الأول بتطوير الأرض وينتج مع هذا الخيار زيادة منتجات الأراضي، وسوف يكون التأثير على حسب الموقع في المنطقة نفسها وقوة الطلب، وإذا لم يكن التطوير خياراً للمُلاك فهنالك خيار البيع وهذا الخير أقل إيجابية بالنسبة للمنتج النهائي. وأبان العبودي إذا لم يهتدي صاحب الأرض للخيارين السابقين فيس أمامه سوى تحمله الرسوم السنوية، وتعتبر هذه حالة خاصة، ومقترنة بالقدرة المالية الكبيرة للمالك التي تمكنه من مواجهة الرسوم بعد دراسة وافية لجدوى ذلك وأثرها الإيجابي الأكيد (صعوبة وإمكانية تحقيقها على نطاق ضيق).
زيادة المعروض نتيجة حتمية للرسوم
وأكد العبودي أن البرنامج سيعزز زيادة المعروض من المنتجات العقارية كنتيجة حتمية متوقعة بتطبيق المرحلة الثانية للرسوم، وسيعمل ذلك على معادلة الطلب المضطرد وسيحقق موازنة عادلة بين العرض والطلب، ونوّه بأن احتكار الأراضي سيكون مورداً للدولة عند تفعيل كل المراحل, يتوقع في حالة فك الاحتكار عرض أكثر للمنتجات العقارية للمستهلك وموازنة معقولة للأسعار، وفي كلتا الحالتين المكسب سيكون للوطن والمواطن.
تحول التمويل شراء المنتج النهائي
وأبدى العبودي أسفه لعدم قيام الجهات التمويلية من بنوك وغيرها بدورها كاملاً، إذ لازال دورها في التمويل العقاري يدور في فلك شراء المنتج النهائي للمستهلك الأخير، وحسب تقديره، فإنه يرى أن الجهات التمويلية تحتاج إلى البدء في مواكبة هذه المرحلة المهمة في تقديم عروض مجزية لملاك الأراضي البيضاء للوصول إلى المنتج العقاري المطور المناسب سعراً وجودة.
استغلال القرار لإطلاق منظومة استثمارية
وفي ذات الاتجاه، وصف رجل الأعمال فواز بن محمد باشراحيل (شركة فاران القابضة) قرار الرسوم على الأراضي البيضاء هو أحد قرارات الدولة الناجحة في سبيل العمل التنموي والتصحيح الشامل وهذا يَصْب في مصلحة الأغلبية وفق أدوات مستحقة من الناحية الشكلية والجمالية للمدن ومن ناحية التنمية الواجب تحقيقها داخل المدن، وتفويت فرص الاحتكار التي ساهمت في رفع أسعار الأراضي الأمر الذي عاد يشكل عِبئاً على الاقتصاد العقاري والعام بوجه عام واعتقد أن الملاك كان يجب عليهم العمل على استغلال القرار لإطلاق منظومة استثمارية واضحة المعالم خاصة في ظل وجود دعم وزارة الإسكان أو توفر الشركاء المطورين لإخراج منتجات مناسبة للسوق ومحققة لرغباتهم المنطقية.
الخروج من دائرة الاحتكار الضيقة
ويرى باشراحيل أن البرنامج حقق نتائج إيجابية وسيمضي قدماً لتحقيق التوازن للسوق والوفاء بمتطلبات السوق كما يجب وسيعود الانتعاش لاحقاً، منوهاً أن السوق العقاري بالرغم من إمكانياته الكبيرة إلا أنه كان يتحكم فيه التجار، واليوم مع توفير القدرة الشرائية أصبح المتحكم هو المستهلك، لذلك يرضخ التجار للأسعار الواقعية، وأبان شرحبيل أن مؤشر الطلب سيرتفع بعد تحقيق التوازن وفق ما يراه ويتمناه المستهلك شكلا ومواصفات وقيمة.
وطالب باشراحيل الخروج من دائرة الاحتكار الضيقة إلى خارج المدن قليلا؛ حيث تتوفر مساحات مناسبة ومدن سكنية متكاملة بأسعار منافسة جداً، وهذا سيجبر التاجر على الرضوخ ويلغي الاحتكار للنزول لما يوافق رغبات المستهلك، أمام تقلص المضاربات وقد ساهمت الدولة بقوة الدفع القانوني والعملي من خلال الرسوم والدفع بالمشروعات المميزة.
الاقتداء في القروض ببنوك دبي
ودعا باشراحيل في ختام حدثيه الدولة للتدخل ومعالجة بعض القصور في عمل البنوك التمويلية وتوجيهها لصناعة قاعدة تمويلية مهمة لتحقيق تنمية اقتصادية عادلة ومزدوجة للملاك والمستهلكين؛ لأن البنوك وشركات التمويل حققت مبتغاها تماماً، واستهلكت الفرص المتاحة، على حساب الفائدة التنموية العامة التي كانت مرجوة، والعكس حصل في دبي كمثال كان القرض البنكي ميسراً ونسبته تصل 90%، وهذا حقق نهضة ضخمة، وطالب باشراحيل أن تيسر البنوك القروض وتشارك الإدارة والضبط المالي المقترض وتخفض العمولات على المستهلك وترفع الزمن الإقراض وبواقع تناقصي وأن تتجه بقوة للمشروعات المتوافقة مع متطلبات السوق وحاجات الناس.