تعتبر البيروقراطية هي الصخرة القوية التي تواجه المستثمرين عندما يطرقون بعض الجهات الرسمية لتكملة إجراءاتهم التي يشوبها التعقيد ، هذا فضلاً عن عدم الاهتمام واللامبالاة التي يصطدم بها رجل الأعمال الذي يمني نفسه بمشروع تنموي يساهم به في اقتصاد وطنه ويدر له الأرباح المرجوة.
تتعدد أشكال البيروقراطية وتتنوع على حسب الإدارات الموجودة ويوجه مسارها وحدتها (مزاج) الموظف الموجود الذي يتعامل مع المراجعين كأنهم أتوا من كوكب آخر ويزيد الأمر تعقيداً طلباته للأوراق والمستندات (بالقطاعي) بحيث يجعلك تراجع أكثر من مرتين أو ثلاثة مرات من أجل ورقة يكمل بها الملف وفي كثير من الأحيان لا يسعفك حظك العاثر في مقابلة المسؤول بحجج مختلفة ( لم يحضر – في إجازة – في اجتماع – مشغول ) الخ من الأعذار..
بمثل هذه الأساليب يتم تعطيل الكثير من المعاملات وتتسبب في خسائر مادية ونفسية فادحة لتضيع استثمارات بمئات الملايين نتيجة لوضع هذه العراقيل أمام المستثمرين ويتكبد الاقتصاد الوطني خسائر باهظة تتمثل في تكاليف الفرص وحقوق الملكية التي يمكن أن تتأثر بطول المدة مما يؤدي إلى البحث عن مزايا أفضل لتهرب الاستثمارات للخارج، حيث تجد هذه الاستثمارات ترحيبا في الكثير من الدول.
ونتيجة لذلك يبحث المستثمر عن فرص بديلة تبعده عن التعاملات الرسمية وموظفي الدولة، فيلجأ مباشرة للاستثمار في العقار الذي يفتح فاه ساخراً من جميع مغريات الاستثمار الأخرى لسهولة إجراءات ممارسة المهنة فيه ولا يحتاج لكثير مراجعات حكومية فبعد التصاديق الأولى يكون معظم العمل أو كله في السوق، ولكن هل سيتجه كل المستثمرين للسوق العقاري هروباً من المعاملات الورقية المطولة التي تشعل التذمر والإحباط في طموح المستثمر وتقتل روح الإبداع والمبادرة فيه وحتى موظف الدولة تجعله جزءاً من المشكلة يسير في خط مرسوم له لا يستطيع الحياد عنه على الرغم من وجود هامش مرونة تبحث في الحلول الجديدة.
نتمنى أن تهتم الإدارات بالمواطن الذي يتكبد المشاق بالسفر والتجوال والانتظار وتتعامل معه كإنسان يريد أن يستفيد من حقوق المواطنة التي منحته له إياها الدولة – أيدها الله- فتذلل له الصعاب وتصبغ على لوائحها المزيد من التسهيلات والمرونة حتى يساهم في بناء وطنه، ونتمنى أن تواصل الدولة في تعميم الحكومة الإلكترونية على قطاع الاستثمار حتى يستطيع رجل الأعمال أن ينجز كل معاملاته من مكتبه.
*رجل أعمال ومستثمر
