بالرغم من أن الرسم الشكلي لكلمتي العرب، والغرب لا يوحي بالفرق الكبير، فالاختلاف كما يبدو فقط في النقطة التي تعلو حرف الغين، فإن هذه النقطة تشكل ما يشبه الفجوة الزمنية بيننا، نحن العرب، والغرب، فبين الغرب والعرب مئات الأميال حتى تتمكن بعض الدول العربية من اللحاق بهم على مستوى الأبحاث والتطور العلمي والتكنولوجي، وغير ذلك من أوجه المقارنات بين الدول، ومعايير ومؤشرات القياس .
لقد استطاع الغرب أن ينجح رغم قلة موارده، ولم تستطع معظم الدول العربية النجاح برغم توفر معظم الموارد، لقد كانت الطبيعة ضنينة وبخيلة للغاية مع بعض دول الغرب، فنجد سويسرا ذات المساحة الصغيرة التي لا تسمح بالزراعة أو التوسع في تربية الماشية تنتج أفضل حليب في العالم، وكذلك برغم عدم تمكنها من زراعة الكاكاو فإنها تنتج شوكولاتة لا تقارن .
ولنترك أوروبا لنلق نظرة على اليابان التي ضنت عليها الطبيعة هي الأخرى ولم تكن سخية على الإطلاق، إذ إن بيئتها الجبلية منعتها من الزراعة ورغم ذلك لم تستسلم بل طورت نفسها واستوردت من العالم كل شيء، ليس بغرض الاستهلاك إنما لإعادة تصنيعه وتحويله من مواد خام الى سلع تامة الصنع حتى تحولت اليابان إلى مصنع كبير يعيش فيه اليابانيون في حاله استنفار دائم ونشاط منقطع النظير .
إن مشكلاتنا في الدول العربية برغم توفر الموارد والمناخ المقبول الذي يصلح كبيئة عمل وإنتاج لا مثيل لها، ليست المشكلة في حد ذاتها إنما هو تفاقمها مثل كرة الثلج التي ما تلبث أن تتحرك حتى تتضخم وتتعملق بشكل مخيف يصعب السيطرة عليه أو التصدي له، فمصر حالياً تعاني انفجاراً سكانياً بدأ في الثمانيات وأطلق عليه يومها زيادة سكانية .
تنطبق علينا بجدارة نظرية «انحراف الصاروخ»، فالصواريخ صممت لتصيب أهدافاً محددة بدقة ونجاح بناء على حسابات معقدة وإحداثيات لا مجال فيها للخطأ، لكن كل انحراف ولو بسيطاً في قاعدة الانطلاق يؤدي إلى زيادة معدلات خطأ التصويب، ومع قوة الانطلاق وطول المسافة ستزيد زاوية الانحراف لتصل الفجوة الى عشرات الأمتار .
dr_hossam22@yahoo.com