يعتبر القطاع المصرفي أحد أهم ركائز التنمية المستدامة؛ لما يمتلك من قوة كبيرة في تحريك عجلة المشاريع الإستراتيجية التي تؤدي دوراً بارزاً في رصف الطريق لبناء دولة المستقبل، التي تتباهى بها الأجيال وهي تستثمر مواردها البشرية والفكرية والاقتصادية، بأحدث وسائل الشراكة، حيث أضحت المنظومة الاقتصادية الحديثة تُبنى على مثلث (المال والفكر والموارد).
والمتتبع لمسيرة البنوك في المملكة يجد أن هنالك الكثير من الحذر والمخاوف غير مبررة تجاه عمليات تمويل المشاريع والاستثمارات (بشقيها العام والخاص)على الرغم من وجود الضمانات الكافية والأنظمة والقوانين التي تحفظ لها حقوقها، وهذه المخاوف جعلت منها مستودعاً وخزائن لأموال عملائها، تستثمرها وفق ما تراه هي مناسباً دون مراعاة لدورها الوطني والاقتصادي المنوط بها، في دعم مؤسسات القطاع الخاص والمنشآت المتوسطة والصغيرة ورواد الأعمال، وهي أجدر بأن تكون حاضنة للمشاريع المنتجة عبر التمويل المباشر والرعاية وتقييم دراسات الجدوى وتصحيح مسار رجال الأعمال، في حال وجود مخاطر استثمارية، بدلاً عن إدارة ظهرها لهم ورفض الدراسة من الموظف المختص الذي يتقيد بلوائح جامدة مفترض أن تكون بها مرونة عالية؛ حتى تكتمل الدائرة بنماذج الأفكار.
إن ضعف التمويل البنكي لا يتناسب إطلاقاً مع قوة أرباحه ومكاسبه التي بلغت خلال التسعة أشهر الأولى من 2017 حوالي 34 مليار ريال وأشارت بعض التقارير أنها تتخطى حاجز الـ 44 مليار ريال في 2017 أي ما يعادل تقريباً (11.7 مليار دولار) وهنا لا نريد أن نتدخل في سياسة البنوك ونسأل أين تذهب كل هذه الأموال؟؛ ولكن نشير إلى ضرورة أن يواكب القطاع المصرفي الخط العام، الذي تسير فيه الدولة بالاهتمام بتعظيم الناتج المحلي وتنوع مصادر الدخل واستحداث مشاريع جديدة وخاصة، في ظل وجود ثروات ضخمة آلت للجيل الجديد وهم بحاجة لخبرة ودعم البنوك في بناء شراكات لا تعترف بالرهونات والضمانات ووضع العقبات والعراقيل أمامهم وهي مسؤولية وطنية يجب أن نقف عندها بدراسة متأنية وخاصة أن القطاع المصرفي لا تقع على عاتقه ضغوط ولا ضرائب كغيرها؛ بل يتمتع دائماً بصفة الابن المدلل لدى الجهات الرسمية.
قطاع التمويل وخاصة تمويل المشاريع التنموية يحتاج لوقفة كبيرة من القائمين عليه، سواءً من الجهات الحكومية ومؤسسة النقد والبنوك العاملة بالبلاد، حتى نرتقي به، ليكون محفزاً للاستثمار وليس منفرا،ً وخاصة أن أمواله جاءت من أموال المواطن والمستثمر الذي يودع حساباته لديها.
*رئيس التحرير
azizes@amlakmail.net