غلب على أكثرنا نحن العرب اللامبالاة بقيمة وأهمية البحوث الميدانية لاسيما التخصصية كبحوث التسويق، فتجد المستثمر تأتيه معلومة أو خاطرة يعتقد أنها رائعة ومميزة وتستحق الإشادة، فيعمل على تحويلها إلى منتج أو خدمة يقدمها لعملائه، هو يراها بعينه لكن لم يراها بعين السوق، أخي المستثمر العزيز مايعجبك ليس شرطاً أن ينال الإعجاب في السوق، وما يصلح لسوق في مكان ليش شرطاً أن يناسب السوق في مكان آخر، متى ما أردنا أن نحقق أرباحا ومبيعات عالية يجب أن ننطلق من السوق لنقدم للسوق مايناسبه، لإنه من الواجب تسويقياً أن نقدم للسوق مايحتاجه أو يلبي رغباته، وفق مزيج تسويقي متميز، إن البحوث التسويقية هي النور التي تتحرك بها أي منشأة لها فكر مستقبلي وما أجمل مقولة ( خطوة في النور خير من عشر في الظلام ).
بعض منشآتنا تعمل البحوث والدراسات، هذا جيد، لكن ليس هذا ما أطمح له، طموحي أن تحترم نتائج هذه البحوث والدراسات وأن تكون هذه النتائج مقود رئيسي للخطط والأهداف المستقبلية، لا أن تكون حبيسة الأدراج، ونجمل بها الرفوف.
مثال: حليب الخلفات منتج يعتقد أربابه أنه جميل ورائع لكنه خرج من السوق، بكل بساطه لم تعمل دراسات بحثية عن السوق، ببساطة الناس تحب حليب الخلفات حاراً أو دافئا وهو يصلهم بارداً هذا من جهة ومن جهة أخرى ارتبط في أذهانهم شرب الحليب مباشرة.
وآخر: شركة أثاث كبرى مميزة لها فرعين بالرياض وفرع بجدة نجحت في افتتاح اكبر متجرين للأثاث لكني اعتقد انها أخطأت خطأ فادحا في اختيار مقر فرع الرياض فهو يبعد عن الشريحة التي تشتري كثيراً، حتما أرباحها ستزداد أضعافاً لو كانت في الموقع الآخر، تمنيت أنها لو أبقت على فرعها القديم على الأقل مع الجديد.
وآخر: يعاني أحد البنوك المحلية تدني مستوى دخولاته وأرباحه خلال الأربع سنوات الماضية ( منذ افتتاحه ) بكل بساطه لم يتعرف على حاجات ورغبات عملائه بالتحديد والعمل على تلبيتها.
وآخر: إحدى الشركات العقارية انهت من عمل 200 فلة ترغب في بيعها بسعر التكلفة لم تستطع منذ سنتين في بيعها ببساطة المشروع في منطقة تهتم بأن يكون هناك ارتداد لوضع خيمة ( بيت شعر ) وفي التصميم المطبخ قريب من المقلط ومن طبائع هذه المنطقة التضجر على الزوجة لو سمع الضيف صوتهم او صوت اوانيهم قد يصل إلى الطلاق !
وأخيراً كي لا اطيل عليكم أحبتي القراء الكرام … لنعمل سوياً لخلق ونشر ثقافة البحوث التسويقية لدى أصحاب القرار فلا نريد هدراً أكثر للأموال، ولا ضياع أكبر للأوقات. تحياتي لكم جميعاً.