مقالات أملاك.. المعماري هشام القاسم يكتب: المواد أم العمالة الأغلى

المواد أم العمالة الأغلى هشام القاسم

المواد أم العمالة الأغلى هشام القاسم

المواد أم العمالة الأغلى

المعماري هشام القاسم

غالبًا ما تكون العمارة مهنة طموحة، حيث يأمل العديد من  المعماريين المساهمة بشكل إيجابي في الحياة الاجتماعية، وخلق استجابات عاطفية، وإضافة لحظات من البهجة والعزاء إلى تجاربنا اليومية، ومع ذلك، فإن قوى السوق لديها وسيلة لممارسة ضغط مستمر على هذا المجال، وغالبًا ما تكون العامل الحاسم في العديد من خيارات التصميم. تعتبر التكاليف والقيمة الاقتصادية بشكل عام مؤشرًا جيدًا على كيفية استخدام مواد معينة ومتى وإلى أي مدى.

القاعدة المعيارية هي الأرخص والأفضل، لكن المواد ليست سوى جزء من المعادلة. حيث يُعاد النظر في تكاليف العمالة والإدارة والتصميم في الموقع، والتي تصور صورة معقدة للتوازن بين تكلفة المواد وتكلفة العمالة وتأثيرها على المنتج المعماري.

الطريقة التي تتشكل بها الصناعة اليوم في معظم البلدان المتقدمة، يتم فرض ضرائب كبيرة على العمالة بكل أشكالها، يؤدي هذا التشويه إلى الميل لتقليل العمالة المادية في الموقع والفكرية في استوديوهات التصميم.

يتم تقليل مقدار التفكير في التصميم إلى الحد الأدنى، مع الحد أيضًا من عدد الأشخاص الذين يعملون في موقع البناء، يتم استخدام مواد وتشطيبات إضافية لجعل المنتج النهائي جذابًا إلى حد ما من الناحية الجمالية، وهذا النهج يؤدي إلى زيادة كمية المواد غير الضرورية المستخدمة بنسبة تصل إلى 30٪ والاندفاع إلى زيادة رأس المال، أي زيادة استخدام المواد وتقليل العمالة، وهذا يؤدي إلى سوء استخدام للموارد المحدودة، وهو مجال تتفوق فيه صناعة البناء بالفعل. لإعطاء مقياس لنطاق المشكلة، تضع بعض التقديرات 38٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية على خلفية الهندسة المعمارية والبناء والصناعات المرتبطة بها.

يُظهر الجانب الآخر من العملية ارتفاعًا في معدل البطالة بسبب الأتمتة، وإعادة توزيع ضعيفة للأرباح، وفي هذا المجال، وأيضا انخفاض الطلب على الحرفيين. هذه أدى إلي فقدان التوازن بين السهولة التي نفرط بها في استخدام الموارد المادية ونقص استخدام عقولنا وإبداعنا. تظهر العواقب أيضًا في صورة البيئات الحضرية والريفية.

إن النظر في المواد، ليس فقط تكاليفها، ولكن خصائصها الجوهرية يمكن أن ترفع من مستوى المشروع المعماري مع بقائه على أساس الهوية المحلية. إن الحد من استغلال مواد البناء واستبدالها بمزيد من النشاط البشري، سواء في الموقع أو في استوديوهات التصميم، له فوائد تتجاوز الاستدامة. إلى جانب الحد من التلوث الناتج عن إنشاء المواد، فإنه يعزز أيضًا المشاركة داخل المجتمع، ويطور الاقتصاد المحلي، ويمكن أن يفيد صناعة البناء بشكل عام.

*معماري وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود

@ArchHesham

Exit mobile version