تشهد صناعة البناء تحولًا جذريًا بفضل التقنيات الحديثة التي تعزز سرعة وكفاءة البناء، ومنها تقنيات البناء السريع التي لا تعتبر مجرد بدعة، بل هي استجابة ضرورية لزيادة الطلب على البنية التحتية والمساكن في زمن قياسي، ومن الطباعة ثلاثية الأبعاد إلى الهياكل الجاهزة، نستعرض في هذا التقرير أبرز التقنيات وأهم المشاريع التي اعتمدتها، وحجم السوق المتوقع لها، وأثرها المستقبلي على القطاع.
حجم سوق البناء السريع
تعزز تقنيات البناء السريع من كفاءة وفعالية قطاع البناء، مما يجعلها ضرورية لمواكبة الطلب المتزايد على الإسكان والبنية التحتية، مع التوقعات بنمو السوق بشكل كبير، وتبني مزيد من المشاريع لهذه التقنيات، يبدو أن مستقبل البناء السريع واعد ومليء بالفرص. وهذه الابتكارات ليست فقط تحسينات في السرعة والتكلفة، بل هي أيضًا خطوات نحو بناء أكثر استدامة ومرونة.
وتشير التقديرات إلى أن حجم سوق البناء السريع العالمي كان حوالي 90 مليار دولار أمريكي في عام 2020. ومن المتوقع أن يصل إلى 187 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2027، بمعدل نمو سنوي مركب يقارب 11%. هذا النمو مدفوع بالطلب المتزايد على الإسكان الميسر والبنية التحتية المستدامة، فضلاً عن التحسينات المستمرة في تقنيات البناء السريع.
أبرز تقنيات البناء السريع
- الطباعة ثلاثية الأبعاد: تستخدم الطباعة ثلاثية الأبعاد في إنشاء هياكل معقدة بسرعة ودقة فائقة، مما يقلل من الفاقد في المواد ويقلل من الوقت والتكلفة.
- الهياكل الجاهزة (Prefabrication) تعتمد هذه التقنية على تصنيع مكونات البناء في مصانع خارج الموقع ثم تجميعها في الموقع. هذا الأسلوب يوفر الوقت ويضمن جودة أعلى بفضل التصنيع تحت ظروف مراقبة.
- البناء المعياري (Modular Construction) يشبه البناء المعياري إلى حد كبير الهياكل الجاهزة، إلا أن الوحدات المعيارية تكون مكتملة بشكل أكبر وتشمل الأجزاء الداخلية مثل التمديدات الكهربائية والسباكة، مما يسرع عملية التجميع النهائي.
- تقنية بناء المنازل السريعة (Rapid Housing Construction) تستخدم هذه التقنية مواد خفيفة وسهلة التجميع مثل الألواح الجاهزة، مما يسمح ببناء المنازل في غضون أيام أو أسابيع بدلاً من أشهر.
مشروعات استخدمت تقنيات البناء السريع
- مشروع “آباسا” في المكسيك: في عام 2020، قامت شركة Icon باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لبناء مجتمع سكني كامل يتألف من 50 منزلًا في ولاية تاباسكو المكسيكية. كل منزل بُني في غضون 24 ساعة فقط، ما يعكس القدرة الفائقة لهذه التقنية على توفير الوقت والموارد.
- مستشفى ووهان هوشنشان في الصين: في مطلع عام 2020، واجهت الصين أزمة فيروس كورونا ببناء مستشفى ووهان هوشنشان في غضون 10 أيام فقط، واستخدمت تقنية الهياكل الجاهزة لإنشاء هذا المستشفى الذي ساهم بشكل كبير في معالجة الأعداد الكبيرة من المرضى.
- مشروع “كومبليت” في المملكة المتحدة: اعتمد هذا المشروع على البناء المعياري لتشييد مجمع سكني يتكون من 68 وحدة سكنية في لندن، واستغرق البناء 12 أسبوعًا فقط، مما أبرز سرعة وكفاءة هذه التقنية.
مستقبل تقنيات البناء السريع
تشير التوقعات إلى أن تقنيات البناء السريع ستؤدي دورًا محوريًا في تشكيل مستقبل البناء. إليك بعض الاتجاهات المستقبلية:
- الاستدامة: مع تزايد التركيز على الاستدامة، ستصبح تقنيات البناء السريع أكثر جذبًا بفضل قدرتها على تقليل النفايات واستخدام مواد صديقة للبيئة.
- الابتكار التكنولوجي: التطورات في الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء ستساهم في تحسين عمليات البناء السريع، من خلال إدارة المشروع بفعالية أكبر وتقديم تحليلات دقيقة لتحسين الأداء.
- الاستجابة للطوارئ: مع الكوارث الطبيعية والأزمات الصحية المتزايدة، ستعتمد الحكومات والمنظمات الإنسانية على تقنيات البناء السريع لتوفير مساكن وبنى تحتية بسرعة وفعالية في حالات الطوارئ.