الكثير من الكتاب الاقتصاديين غير المختصين في الشأن العقاري يتوقعون أن يكون هناك انخفاض حاد جداً في أسعار العقارات بعد تطبيق نظام رسوم الأراضي البيضاء، وهو ما سيسهم في إعادة الأسعار إلى مستواها الحقيقي وفقاً لتقييمهم حيث يرون أن الأسعار الحالية وصلت إلى حد مبالغ فيه حسب زعمهم .
فلنناقش الأمر من منظور علمي وعملي من خلال اعتماد وزارة الإسكان على الهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين وتعميدها بتشكيل لجان لتقييم الأراضي البيضاء تمهيداً لفرض الرسوم حيث أن التثمين العقاري سيحد من المبالغة في أسعار العقارات ( إن وجدت ) وسيمنع إلى حد كبير من التدليس على أصحاب شركات التقسيط والبنوك وذلك بسبب الاعتماد على مثمنين عقاريين ذوي خبرة و أمانة.
لا يمكن أن ننكر أنه سيحدث صراع بين أصحاب العقارات من جانب وبين جهة التقييم المعتمدة من حيث الاختلاف على القيمة الفعلية أو الحالية للعين العقارية, بناءً على هذا لا بد من وجود قواعد وأسس ضابطة للمقيمين العقاريين يتم تزويدهم بها من قبل الهيئة كما أنه يجب مراعاة التوازن بين كل من الجودة (الخبرة والأمانة والدقة ) والتكلفة.
فمن المتعارف عليه أن السوق العقاري لم يخضع في السابق لأي نظام تثمين علمي، وكانت الاعتماد فقط على الاجتهادات والشائعات التي تتداول بين المواطنين والعاملين في القطاع.
والجميع يتفق أن التثمين العقاري هو تقنين القيمة وإعطاء العين المراد تثمينها قيمتها الفعلية في وقت التثمين لها، سواء كانت تلك القيمة للإيجار أو البيع أو الرهن وفي حالة الرسوم ستكون محصورة بالبيع، من وجهة نظري الشخصية التثمين سيتمكن من إعطاء القطاع قوة وثباتاً، وسيبعده عن الشبهات والاهتزازات التي تنعكس سلباً على السوق العقارية والتي وجد من خلالها البعض فرصة للنيل من المطورين العقاريين على كافة مآربهم وكأني بهم نسوا أو تناسوا ما يقدمه هؤلاء المطورون من خدمة جليلة ساهمت في نهضة الوطن والمواطن .
معلومة للفائدة : ( يقسم المقيمين حسب نظام الولايات المتحدة إلى نوعين فقط: مقيم مرخص ويسمح له بتقييم عقارات أقل من 250 ألف دولار ويشترط توفر شهادة دبلوم أو دورة تدريبية مكثفة، والقسم الآخر خبير تقييم معتمد ويسمح له بتقييم عقارات بأكثر من 250 ألف دولار )، وهو ما أتمنى أن يتم تفعيله في تقييم الأراضي البيضاء.
وفي النهاية نود لفت انتباه القارئ إلى أن السوق العقارية على الرغم من أنها تعد إحدى أقوى الأسواق والقطاعات الاقتصادية في المملكة إلا أنها غير متطورة بما يتماشى مع نهج السوق العالمي أو نهج دول الجوار ولكنها قابلة للتطور في ظل البدء بإقرار الأنظمة القادرة على ضبط إيقاع الحركة التجارية فيها، حيث لابد أن تنتهي العشوائية في هذا القطاع وهذا الأمر يقودنا إلى الحاجة للمطالبة بالقوانين والهيئات القادرة على ضبط وتحديد توجهاتها لتنعكس بالتالي بالإيجاب على الناتج القومي وعلى المستهلك الراغب في الحصول على السكن وعلى المستثمر الذي يبحث عن تحقيق الأرباح دون مخاطرة بالرساميل.