ليس هناك خطأ في عنوان المقال، ف”جمبا كايزن” هو ما أقصده بالضبط، وهو مصطلح يستخدمه اليابانيون، ويعني إدارة الزمان والمكان، ف”جمبا” معناها الموقع الفعلي للحدث، وهي تمثل المكان الذي يتلقى فيه العميل الخدمة، مثل قاعات خدمة العملاء أو ردهات المطاعم أو صالات البيع، و”كايزن” يقصد بها التطوير المستمر، وإدخال التعديلات في كافة مراحل العمل، ومواجهة المشكلات أيضاً .
إن نظام “جمبا كايزن” له أهداف كثيرة منها دمج المدير في بيئة العمل، بل والتصاقه بها، خاصة أن هناك جانباً كبيراً من المديرين يكتفون بمتابعة عملهم، والقيام بدورهم كقادة، من خلف جدران مكاتبهم الزجاجية، والاطلاع على الأوراق والتقارير فقط . متصورين بذلك أنهم يتابعون ما يجرى في أروقة ودهاليز المنظمة . كما أن بعضهم لا يرى منتجات مصنعه إلا على أرفف المحال التجارية .
هؤلاء المديرون منفصلون تماماً عن الواقع، ولا يدرون شيئاً عن موظفيهم وعمالهم أو المشكلات التي تواجههم، خاصة أن بعض المشكلات والعقبات التي تحدث في محيط العمل لا يمكن صياغتها في مكاتبات أو مراسلات، إنما يجب أن يشعر بها المسؤول، وذلك لن يتأتى إلا بالمعايشة الحقيقية، والتواصل مع الموظفين، والنزول إلى أرض الواقع، بدلاً من الاكتفاء بالنظر إليهم من خلف الجدران العازلة .
لقد كان المدير العام بشركة تويوتا إذا ما شعر بأن أحد مديريه لا يتابع مصنعه، ولا يعرف كثيراً عن موظفيه، كان يقوده إلى خطوط الإنتاج وسط العمال، ويرسم على الأرض دائرة كبيرة بالطباشير، ويأمره بألا يفارق الدائرة إلا بعد أن يستمع لعماله عن كل صغيرة وكبيرة في المصنع، وكذلك همومهم ومشكلاتهم في العمل .
اعتمد أسلوب “جمبا كايزن”، منهجاً متكاملاً للعمل، ومثلاً نظم خمس خطوات لكيفية تعاطي المديرين مع المشكلات التي تنشأ في محيط العمل لتحقيق نتائج جيدة، وهي نزول المدير إلى موقع الحدث عند حدوث مشكلة، وعدم الاكتفاء بمتابعتها من المكتب، والاهتمام بموقع الحدث من أفراد وآلات ومنتجات، واتخاذ إجراءات وقائية وفورية لعدم امتداد الأزمة، ثم يلي ذلك البحث عن السبب الجذري للمشكلة، وأخيراً، وضع القواعد الاحترازية لعدم تكرارها .
د. حسام يوسف
www.dr-hossam.com