عاصفة الرسوم الأمريكية:.. هل تصمد الاقتصادات الناشئة في وجه التحولات العالمية؟
عبدالعزيز العيسى
في زمن تتشابك فيه السياسة بالاقتصاد، وتتحوّل فيه القرارات السيادية إلى موجات تجتاح الأسواق العالمية، جاء الإعلان الأخير عن فرض رسوم جمركية أمريكية شاملة ليخلط الأوراق ويعيد رسم مسارات التجارة الدولية.
الرئيس الأمريكي أعلن في الثاني من أبريل عن تطبيق تعريفة جمركية موحدة بنسبة 10% على جميع الواردات، مع رفعها إلى 50% على دول بعينها، في خطوة تستهدف تقليص العجز التجاري وتعزيز التصنيع المحلي. إلا أن تأثير هذه القرارات تجاوز حدود الولايات المتحدة ليصل إلى الأسواق الناشئة، ويهدد استقرار الاقتصاد العالمي.
مؤشرات وول ستريت كانت أول من دق ناقوس الخطر؛ أكثر من 2.5 تريليون دولار تبخرت من الأسواق خلال ساعات، ومؤسسات اقتصادية مرموقة خفضت توقعات النمو العالمي إلى ما دون 2%، في مشهد يعيد إلى الأذهان أزمات 2008.
الأسواق الناشئة على خط المواجهة
رغم أن بعض الدول لم تُصنّف ضمن الفئات الأكثر تضررًا، فإن التأثيرات غير المباشرة لا تقل خطورة. ارتفاع قيمة الدولار سيؤثر على قدرة الصادرات على المنافسة، بينما يؤدي التباطؤ المتوقع في الاقتصاد العالمي إلى تراجع الطلب على المواد الخام والطاقة، مما يضغط على الموازنات العامة ويهدد مشاريع التنمية الكبرى.
قطاع العقارات، الذي يعتمد في نموه على الاستثمار والتمويل المستقر، لن يكون بمنأى عن التأثر. أي تراجع في التدفقات المالية أو انخفاض في مستوى السيولة قد يؤدي إلى إعادة تقييم للخطط والمشروعات، وتأجيل بعض المبادرات في ظل ترقب عام يطغى على المستثمرين.
نحو استراتيجيات بديلة وأكثر مرونة
التحديات الحالية تفرض على الاقتصادات الطموحة أن تسرّع من جهودها في تنويع مصادر الدخل، وتوسيع قاعدتها الإنتاجية، والاستثمار في القدرات الصناعية والخدمات ذات القيمة المضافة العالية. كما أن بناء شراكات تجارية جديدة خارج الإطار التقليدي بات ضرورة، لا ترفًا.
الفرص ما زالت قائمة، خصوصًا مع وجود بنية تحتية رقمية متطورة، ومبادرات لتكامل الصناعة مع الجامعات والقطاع الخاص، ومنصات حكومية تشجّع على التعاون الصناعي وتسويق المنتجات الوطنية بفعالية عالية.
سرعة في التكيّف ومرونة في القرارات
نحن أمام لحظة مفصلية في الاقتصاد العالمي، تحتاج إلى سرعة في التكيّف، ومرونة في القرارات، ورؤية بعيدة المدى تتجاوز ردود الأفعال اللحظية.
وفي صحيفة أملاك، نؤمن بأن العقار ليس مجرد استثمار في الأرض والمباني، بل هو انعكاس مباشر لحيوية الاقتصاد وثقة المستثمر، ولذلك نرى أن مواجهة هذه التحديات تتطلب تفكيرًا استباقيًا ومبادرات استراتيجية تحمي المكتسبات وتبني مستقبلًا أكثر استقرارًا.
رئيس التحرير