الاستثمار العقاري الأجنبي: تنويع.. جودة.. وانفتاح منظم
سعيد بن محمد القحطاني
يشهد القطاع العقاري في المملكة العربية السعودية نموًا متسارعًا وتطورًا لافتًا، مدفوعًا بالإصلاحات الاقتصادية والتشريعية ضمن رؤية السعودية 2030، ومشاريع تنموية كبرى مثل نيوم، القدية، والبحر الأحمر، جعلت من المملكة مركزًا حضريًا واستثماريًا صاعدًا على مستوى العالم.
وفي ظل هذا التحول، يتقدم القطاع العقاري ليكون أحد أبرز محركات النمو، ليس فقط في البنية التحتية، بل في جذب رؤوس الأموال الأجنبية وتحفيز بيئة الأعمال.
بيئة سعودية جاذبة… وكوادر ملهمة
يتميّز السوق العقاري السعودي بوجود كوادر وطنية مبدعة، تمثل واجهة مشرّفة ومهنية عالية، وإلى جانب ذلك، فإن انخراط المستثمرين الأجانب وشركات التطوير العقاري الدولية يُشكّل فرصة استراتيجية لتوسيع المعروض، ورفع مستوى الجودة والتنوع، بما ينعكس إيجابًا على خيارات المواطن والمقيم من حيث المنتج العقاري والسعر والتجربة.
هذا التنوع لا يعني مجرد منافسة، بل هو محرك لتطوير الشركات الوطنية ورفع معاييرها بما يتماشى مع تطلعات السوق العالمية.
نظام تملك غير السعوديين للعقار: خطوة تاريخية
في هذا الإطار، جاءت موافقة مجلس الوزراء بصدور نظام تملك غير السعوديين للعقار بتاريخ 13 محرم 1447هـ، ليُشكل نقلة نوعية في التنظيم العقاري. سوف يفتح ذلك الباب أمام الأفراد والكيانات الأجنبية المرخصة لتملك العقارات في المملكة لأغراض متعددة، تشمل السكن، الاستثمار، أو مزاولة الأنشطة التجارية، مع وجود ضوابط تنظيمية دقيقة تضمن توازن السوق وحماية المصالح الوطنية.
ويمنح النظام الهيئة العامة للعقار صلاحية إعداد اللائحة التنفيذية خلال 180 يومًا من تاريخ النشر، بالإضافة إلى اقتراح المناطق التي يجوز التملك فيها لغير السعوديين، وفي مقدمتها العاصمة الرياض ومدينة جدة.
تنظيم وشفافية واستشراف للمستقبل
تواصل الهيئة العامة للعقار جهودها في تنظيم السوق، رفع كفاءته، وزيادة جاذبيته، عبر حزمة من المبادرات مثل:
- المنصات الوطنية للخدمات العقارية.
- تعزيز مؤشرات السوق العقاري.
- تطوير آليات التقييم والتمويل والتوثيق.
- تسهيل وصول المستثمرين إلى بيانات واضحة وشفافة.
جدة… والآفاق القادمة
مع فتح السوق وتفعيل النظام الجديد، يتوقع أن تشهد مدينة جدة قفزة نوعية في النشاط العقاري، مدعومة بقربها من مكة المكرمة، والتي تُعد من أقوى نقاط الجذب العقاري والديني في العالم. ومن المنتظر أن يُحدث ذلك تحولًا نوعيًا في طبيعة المشاريع والمستثمرين المستهدفين، بما يقود إلى ثورة اقتصادية عقارية محلية ذات بعد عالمي.
الرياض.. عاصمة الطامحين
وكما أن لكل طموح مدينة تُجسد أحلامه، فإن الرياض اليوم هي عاصمة الطامحين، تحتضن مشاريع كبرى، وتستقطب المواهب والكفاءات والمستثمرين من كل أنحاء العالم. النظام الجديد يؤكد أن المملكة أرض خصبة لكل صاحب نهم للنجاح والتقدّم.
خاتمة
الاستثمار الأجنبي في العقار السعودي لم يعد خيارًا تكميليًا، بل هو أحد أعمدة المرحلة المقبلة في اقتصاد متنوع ومفتوح، تضمن فيه الأنظمة العدالة والتنظيم، وتوفّر فيه الفرص للنمو والابتكار. ومع الرؤية والقيادة والكوادر السعودية، يتجه هذا القطاع لأن يكون نموذجًا عالميًا في التكامل بين المحلي والعالمي، بين الرؤية والطموح، وبين الانفتاح والحكمة.
محامي ومستشار قانوني