تواصل الإيجارات السكنية في المملكة العربية السعودية تصدّر المشهد الاقتصادي كأحد أبرز محركات التضخم خلال عام 2025، مدفوعة بارتفاع الطلب في المدن الرئيسة وزيادة تكاليف السكن. هذا ما أكدته شركة “جدوى للاستثمار” في تقرير اقتصادي حديث، مشيرة إلى أن بند الإيجارات لا يزال يفرض ضغوطًا على أسعار المستهلكين، رغم توقعات بانحسار وتيرة الارتفاع خلال النصف الثاني من العام.
وأفادت شركة جدوى للاستثمار في تقرير حديث بأن فئة “السكن والمرافق”، وبالأخص الإيجارات السكنية، كانت العامل الأبرز في دفع معدلات التضخم في المملكة للارتفاع خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025. فقد واصلت الإيجارات السكنية صعودها بسبب زيادة الطلب، لا سيما في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة، وهو ما ساهم بشكل واضح في رفع مؤشر أسعار المستهلكين.
26% من مؤشر أسعار المستهلك للسكن
وأوضحت “جدوى” أن فئة السكن والمرافق تمثل نحو 26% من إجمالي مؤشر أسعار المستهلك، وتشهد أسعارها نموًا مستمرًا تقوده الزيادات في بند “إيجارات المساكن”، في ظل التوسع الحضري والنمو السكاني وتزايد الحاجة إلى وحدات سكنية في المدن الرئيسة.
وفيما يتعلق بالأرقام العامة، سجلت أسعار المستهلكين في المملكة ارتفاعًا بنسبة 2.2% خلال الفترة من يناير إلى مايو 2025، مقارنة بـ1.6% خلال نفس الفترة من عام 2024. ورغم أن هذا الارتفاع لا يزال ضمن مستويات معتدلة، إلا أن الإيجارات تظل العامل الأهم في هذه الزيادة.
وتوقعت “جدوى” أن يبدأ تضخم الإيجارات في التراجع خلال النصف الثاني من العام، نتيجة المقارنة مع مستويات مرتفعة سُجلت في العام الماضي، بالإضافة إلى دخول مشاريع إسكانية جديدة إلى السوق، مما يعزز المعروض السكني ويخفف الضغط على الأسعار.
وأشار التقرير أيضًا إلى أنه في حال بدأ الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في خفض أسعار الفائدة خلال الربع الرابع من عام 2025، فإن ذلك قد يشجع المواطنين السعوديين على التوجه نحو التملك العقاري مجددًا، بدلاً من الاعتماد على الإيجار، وهو اتجاه سبق تسجيله في الربع الأخير من عام 2024.
ومع ذلك، تتوقع “جدوى” أن يبقى الطلب على الإيجارات السكنية قويًا على المدى المتوسط، مدعومًا بالنمو في القطاع غير النفطي وتوسع الاقتصاد السعودي، مما سيخلق المزيد من فرص العمل للمواطنين والمقيمين، خاصة في المدن الكبرى.
أما بقية مكونات مؤشر التضخم، فقد أشار التقرير إلى فئة “السلع والخدمات المتنوعة” التي تمثل 13% من المؤشر، وقد شهدت هي الأخرى زيادات ملحوظة خلال الفترة، خصوصًا في بنود مثل المجوهرات والساعات، نتيجة ارتفاع أسعار الذهب عالميًا.
متوسط التضخم 2.4% في النصف الثاني
على صعيد توقعات النصف الثاني من 2025، ترجح “جدوى” أن يصل متوسط التضخم إلى 2.4%، مدفوعًا بزيادات معتدلة في أسعار الأغذية، بالتوازي مع اتجاهات الأسواق العالمية. ولفت التقرير إلى بيانات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التي أظهرت ارتفاع أسعار الغذاء عالميًا بنسبة 7% منذ بداية العام وحتى مايو، مقارنة بانخفاض 1.8% خلال عام 2024.
واختتم التقرير بتثبيت توقعات “جدوى” لمعدل التضخم السنوي عند 2.3% لعام 2025، مع انخفاض طفيف متوقع إلى 2.1% في 2026، بفضل التراجع التدريجي في تضخم قطاع الإسكان، واستمرار تحسن التوازن بين العرض والطلب في السوق العقاري.