العقار بين الإهمال والتجديد.. معركة صامتة
د. حمود الفالح
في المدن التي تتغير كل يوم، هناك عقارات تختار أن تبقى كما هي… حتى يتجاوزها الزمن. الإهمال يحوّل الاستثمار إلى عبء، بينما التجديد يصنع من العقار قصة نجاح جديدة ، بين هذين الخيارين، تبدأ معركة صامتة مع الزمن.
في سوق عقاري يتسم بالتنافسية العالية، يبقى العقار استثمارًا جاذبًا لكنه ليس بمنأى عن آثار السنين، كثيرون يغفلون عن أن الإهمال قد يُفقد العقار بريقه وقيمته، في حين أن الإدارة الصحيحة كفيلة بتحويل التحدي إلى فرصة.
التقادم العقاري ظاهرة مزدوجة تجمع بين التدهور المادي والتقادم الوظيفي. الأول يظهر في تشققات الجدران، وتآكل البنية التحتية، وخفوت ألوان الواجهات بفعل الزمن والرطوبة والحرارة. وتشير تقديرات السوق إلى أن عقارات في أحياء راقية فقدت ما يصل إلى 30% من قيمتها بسبب غياب الصيانة الدورية، بينما يفضّل المشترون والمستثمرون الأصول الجاهزة والمواكبة لتوقعاتهم.
أما التقادم الوظيفي، فهو أكثر خفاءً وأشد تأثيرًا. العقارات التي كانت نموذجًا للفخامة قد تصبح غير جذابة مع تغيّر أنماط الحياة، فالسوق اليوم يطلب مساحات مرنة، إضاءة طبيعية، أنظمة ذكية، ومعايير بيئية حديثة. وكل عقار يفشل في مواكبة هذه التغيّرات، يفقد جاذبيته حتى وإن كان متين البنية.
ورغم هذه التحديات، فإن التقادم ليس قدَرًا حتميًا. إعادة التأهيل الذكي، إدخال الحلول العصرية، وتحسين التصميم يمكن أن تعيد العقار إلى المنافسة، بل وتمنحه قيمة أعلى.
إدارة العمر الزمني للعقار لم تعد ترفًا، بل ضرورة لكل مستثمر ومُلّاك واعٍ. فالزمن قد يكون خصمًا قاسيًا مع الإهمال، لكنه يصبح حليفًا كريمًا مع الرعاية والرؤية الواضحة. وهنا فقط يُكتب للعقار مستقبل يليق بموقعه وروح مدينته المتجددة.