تعاني الكثير من المشاريع الحكومية من مشكلة التعثر، لفترات طويلة، حيث رصدت عدة جهات حكومية ، مؤخرا، تعثر أكثر من ٤٠٠٠ مشروع وشخصت هذه الجهات أسباب تعثر أكثر من ١٠٠٠ مشروع معظمها ممول من فائض الميزانية، وتعتبر مشاريع وزارة التربية الأكثر تعثراً حيث رصدت الهيئة تعثر وتأخر تنفيذ ٨٩٤ مشروعاً، وفي الكهرباء والمياه ٨٠٢ مشروعاً متعثراً و ٣٩١ مشروعاً متعثراً لوزارة الشؤون البلدية والقروية، بالإضافة لمشروعات أخرى متعثرة جاري تصنيفها.
أسباب التعثر
وتختلف أسباب تعثر المشاريع ولعل من أهمها قلة شركات المقاولات المصنفة التي لا تتجاوز 500 شركة سعودية وسط كم كبير من المشاريع التي تشهدها المملكة ، وكذلك من أهم أسباب التعثر كما يشير عدد من المختصين العقاريين والمقاولين أن تعثر المشاريع يتركز على عدد من الجوانب وهي تأخير الاستقدام، وتأخر إصدار التأشيرات لأكثر من 90 يوماً إلى درجة البدء في تنفيذ المشروع بدون وصول العمالة بالإضافة إلى ترسية بعض المشاريع على مقاولين ليست لديهم القدرات الإدارية والفنية والمادية اللازمة لتنفيذ المشاريع الضخمة، فضلا عن تأخر صرف المستحقات للمقاولين من جانب بعض القطاعات الحكومية، وكذلك ضعف كفاءة بعض أجهزة الاشراف الفنية التابعة لعدد من الجهات الحكومية.
هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) الجهة الرقابية على أداء المصالح الحكومية أكدت في أخر تقرير لها أنها وقفت على العديد من المشروعات التي يتم تنفيذها من قبل الاجهزة الحكومية، ورصدت الكثير من المشاريع المتأخرة والمتعثرة منها بسبب وجود شبهة للفساد والمحسوبية، ومنها عدم المتابعة لما يتم تنفيذه، حيث بلغ عدد المشروعات التي تم تشخيصها منذ انشاء الهيئة (1526) مشروعا بلغت نسبة المتعثر والمتأخر منها (44 في المئة) بعدد (672) مشروعا .
وتطرقت (نزاهة) لأسباب تعثر وتأخر المشروعات التي يتركز على عدة أمور أهمها، غياب التخطيط، ،عدم وضوح الرؤية اثناء مرحلة الدراسات والتصميم، عدم الاعتناء لإعداد وثائق المشروع قبل طرحها للمنافسة، القصور في دراسة طبيعة المشروع ، الترسية على صاحب العطاء الأقل دون مراعاة الامكانات الفنية، الترسية على مقاولين لديهم مشروعات اخرى متعثرة وتفوق امكاناتهم المالية والفنية، ضعف كفاءة أعضاء لجان الاستلام الابتدائي والنهائي للمشروعات، عدم وجود مكتب لإدارة المشروع (PMO)، ضعف التنسيق بين الجهات الخدمية التي لها علاقة بمواقع واعمال المشروعات، ضعف القاعدة المعلوماتية لدى الجهات المختصة عن البنية التحتية، كثرة اوامر التغيير خلال عملية سير المشروع، التوسع في التعاقد مع مقاولين من الباطن بدون موافقة الجهة مالكة المشروع، عدم تطبيق الاجهزة الحكومية اجراءات سحب المشروع من المقاول.
مشاريع متعثرة بـ 001 مليار
وكشف مسؤول بغرفة جدة التجارة عن قيمة المشاريع الحكومية المتعثرة بنحو 100 مليار ريال، نتيجة لعدة أسباب، حيث أوضح عبد الله رضوان رئيس لجنة المقاولين في الغرفة التجارية الصناعية في جدة أن المشاريع الحكومية المتعثرة خلال الفترة الماضية تمثل أكثر من 30 في المائة من إجمالي المشاريع الحكومية تحت التنفيذ.
وبين أن هناك توجيهات وطلبا لقاعدة بيانات وطنية موحدة للمشاريع الحكومية لمعرفة واقعها، وحجم المشاريع المنفذة أو التي تحت التنفيذ وبيان المتأخر أو المتعثر منها. وطالب رئيس لجنة المقاولين في الغرفة التجارية الصناعية في جدة وزارة العمل بسرعة التحرك والتجاوب وتفعيل حركة الاستقدام وشركات العمالة، التي ستسهم بلا شك ، في سد الفجوة في سوق العمل، وتوفير العمالة المهنية المطلوبة لتنفيذ المشاريع.
وأوضح أحد المختصين العقاريين أن المشاريع الحكومية المتعثرة بمختلف مناطق المملكة تفوق قيمتها 100 مليار ريال. مشيرا إلى أن الأيام المقبلة ستشهد تعثراً أكبر في المشاريع، مرجعاً ذلك لعدة أسباب، منها عدم توافر الأيدي العاملة، وإن وجدت فستكون بأعداد قليلة، ما يترتب عليه رفع أجورهم، مشيراً إلى أن من عوامل تعثر المشاريع كذلك ارتفاع أسعار مواد البناء بشكل غير مبرر.
إجراءات حكومية
واتخذت الحكومة عدة إجراءات للحد من تعثر المشاريع، حيث وجهت بالعناية بحل مشاكل تعثر المشروعات وحرمت المقاول المتعثر من ترسية مشاريع حكومية له لمدة ثلاثة سنوات، كما أصدر مجلس الوزراء خلال العام الماضي قرارا تضمن السماح للشركات الأجنبية بالعمل في مشاريع البنى التحتية، مما سيسهم في حل تعثر أكثر من 4000 مشروعا على مستوى المملكة، بالإضافة لإصداره أيضا قرارا رقم 260 ، والمتضمن جملة من البنود التي تعالج مشاكل تعثر المشاريع، حيث كلف بتنفيذها عدة جهات حكومية والغرف التجارية ، فضلا عن عدد من القرارات التي شخصت المشكلة وحددت أيضاً الوسائل والآليات لمعالجتها، وإذا عملت الجهات الحكومية على تنفيذ قرارات مجلس الوزراء والتوجيهات السامية سوف تحل مشكلة تعثر المشروعات بشكل جذري.