يعد وقف العقار من الروافد الاقتصادية المهمة على امتداد التاريخ الإسلامي، حتى إن أماكن التعليم والعلاج والإيواء للعجزة والأيتام إنما كانت تستمد قوتها من الأوقاف، وهذا ما يجعل للوقف أهمية كبيرة، وخصوصاً مع الرؤية الجديدة للمملكة العربية السعودية في سنة 2030م، والتي تم التركيز فيها على الروافد غير النفطية.
وفي هذا الحوار المتسلسل يواصل الدكتور عبدالعزيز بن سعد الدغيثر، الحديث عن الكثير من القضايا المتعلقة بالوقف.
هل يجوز أن أقف على أولادي الذكور دون الإناث؟
إن وقف على بنيه دون بناته، فهو وقف جنف أي ظلم، ولا يجوز له أن يخص الوقف ببنيه؛ لأنه إذا فعل ذلك دخل في قول – صلى الله عليه وسلم -: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم»، فيكون بهذا العمل غير متقٍ لله تعالى، وسمى النبي – صلى الله عليه وسلم – تخصيص بعض الأبناء جَوْراً، فقال: «لا أشهد على جَوْر»، ولا شك أن من وقف على بنيه دون بناته أنه جَور. فيُلغىَ هذا الوقف ولا يصحح، ويعود هذا الموقوف ملكاً للورثة؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، لأنه وقف باطل؛ ليس عليه أمر الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، بل هو مخالف لأمر الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم – « . والله أعلم.
أرغب في أن أقف عمارة على نفسي ثم بعد موتي يكون الوقف على الفقراء، فهل يجوز الوقف على النفس؟
اختلف أهل العلم في صحة وقف العقار على الواقف نفسه مدة حياته ثم للجهة التي عيّنها،
والراجح صحة وقف العقار على نفس الواقف، وهو مذهب الحنفية ورواية عند الحنابلة وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم والشيخ محمد بن إبراهيم – رحمهم الله – ودليل جواز الوقف على النفس أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم:» عندي دينار؟» فقال صلى الله عليه وآله وسلم:» تصدق به على نفسك»، وقوله – صلى الله عليه وسلم -:» ابدأ بنفسك فتصدق عليها». ولعموم أدلة مشروعية الوقف وصحة الشروط فيه،
وذكر الإمام البخاري في صحيحه بعض أوقاف الصحابة وأنهم كانوا يفيدون منها.
ومذهب الجمهور منع الوقف على النفس، لأن الوقف يشترط فيه القربة – عندهم – والقربة تكون في الصدقة على الغير.
وأما موقف القضاء السعودي من الوقف على النفس، فهو مختلف، فبعض القضاة لا يصححه، وبعضهم يجيزه ويثبته. والله أعلم.
عندي بيت مرهون لصندوق التنمية العقارية، فهل يمكن أن أوقفه؟
صورة المسألة أن يكون العقار مرهونا لبنك أو لغيره كصندوق التنمية العقاري،
ويرغب مالكه في وقفه، دون إذن المرتهن (الدائن). وقد اختلف أهل العلم في صحة هذا الوقف على أقوال:
القول الأول: قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة بأن وقف المرهون لا يصح،
وبه أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية، لقاعدة «المشغول لا يشغل»، ولكون تصحيح الوقف إبطال لحق المرتهن من وثيقة الوقف، وقد قال – صلى الله عليه وسلم -:» لا ضرر ولا ضرار».
والقول الثاني: صحة وقف العقار المرهون إن فكها من الرهن ولو بعد مدة، فإن لم يفكها لم يصح الوقف، وهو قول الحنفية.
وقول الحنفية أقرب، فيكون كالوقف المعلق على شرط انفكاك الرهن. والله أعلم.
وقف العقار
#وقف
#وقف_العقار
==
