بات من الواضح أن مؤشرات القطاع العقاري تسير نحو الاتجاه الصحيح في معالجة التشوهات التي تطرأ عليه من حين إلى آخر؛ مما أدت المحصلة النهائية في الفترات السابقة إلى قبول العقاريين بحالة الركود والضبابية التي لازمت القطاع كثيراً، ولكن بعد صدور الأمر الملكي الكريم بإعفاء التوريدات العقارية من ضريبة القيمة المضافة (15%)، وإقرار ضريبة التصرفات العقارية بقيمة 5% من قيمة العقار، فهذا الوضع أعاد السوق العقاري الثقة بانتعاش الصفقات العقارية وتزايد الطلب الجاد لشراء المسكن الأول.
السوق كان متعطشاً ومتلهفاً لمثل هذه القرارات، لذلك فور البدء في تطبيق هذه الضريبة المخفضة سارع المشترون لإكمال إجراءات طلبات التسجيل التي ارتفعت لأكثر من 8 ألف طلب خلال ثلاثة أيام فقط، وبلغت الأرقام في الهيئة العامة للزكاة والدخل أكثر من 23 ألف طلب تسجيل مبايعة عقارية، في العشرة أيام الأولى، مما يؤكد فاعلية القرار وتقبل المجتمع لضريبة التصرفات العقارية التي حفزت وشجعت المواطن بشراء مسكنه الأول بعيداً عن الضغوط التي كانت تحاصره وهو مُحاط بخيارات قليلة جداً حتى يضمن الإعفاء من الضريبة، ولكن الآن أصبح بوسعه الانتقاء من خيارات متعددة ومُريحة.
السوق العقاري في مساره الصحيح
وفي الجانب الآخر، نزل القرار على المطورين العقاريين برداً وسلاماً وطمأنينة؛ حيث تشير توقعات المراقبين أن الفترة القادمة سوف تشهد انفتاحاً بضخ عدد كبير من الوحدات السكنية وبمواصفات خاصة وأسعار تشجيعية لا تتعدى حاجز المليون ريال، وهذا الاتجاه سوف يصنع منافسة إيجابية في المعروض سيجني المواطن ثمارها، وخاصة أن قنوات التمويل العقاري عبر البنوك والشركات المتخصصة قد تزيد من اهتمامها وصحوتها بعقودها للأفراد؛ حيث بلغت في شهر أغسطس الماضي حوالي 22 ألف عقد تمويل سكني بقيمة 10 مليار ريال، هذا فضلاً عن اتجاه الشركات العقارية لمضاعفة قروضها حتى تلبي حاجة السوق.
لثقتنا الكبيرة في القطاع العقاري الذي يصحب معه 220 نشاطاً مختلفاً؛ نتوقع ضخ المزيد من المشاريع السكنية في مختلف مدن المملكة، وتبعاً لذلك انتعاش أسواق مواد البناء والتشييد والأثاث والديكور، وغيرها من الخدمات المرتبطة بتأسيس المنزل، وهذه هي مرحلة الاستثمار في شراء المسكن، وليست مرحلة مضاربات.