جمهورية بيلاروسيا أو روسيا البيضاء بلاد الغابات والثلوج, هي إحدى الدول التي لم تحظى بتسليط الأضواء عليها مما حرمها من الكثير من المزايا التي يحققها الإعلام, تقع بيلاروسيا في منطقة شرق أوروبا والتي كانت خاضعة للعديد من العقود إلى الحكم السوفييتي السابق، نالت استقلالها مع انهيار الإتحاد السوفييتي وتم إعلانه في أغسطس عام 1991م,
بيلاروسيا .. الثلوج والثياب البيضاء
استمدت تسمية جمهورية «بيلاروسيا» من المصطلح «روسيا البيضاء»، وتوجد فرضيات عدة حول أصل التسمية، حيث يذكر أن الاسم يصف الاسم المنطقة المغطاة بالثلوج في شرق أوروبا والمسكونة من قبل الشعب السلافي كمنطقة جميلة وحرة , قد يكون للملابس البيضاء التي كان السلافيون يرتدونها, ومن الافتراضات الأخرى أن التسمية تعود للأراضي الجنوبية «بولاكاك»، و«فيتسبك» و«موغيلوف»، لأن التتار لم يستطيعوا غزوها.
عاصمة بيلاروسيا مدينة مِنسك وهي المدينة الرئيسية في البلاد، ويعيش فيها ما يقرب من عشرة ملايين نسمة, تبلغ مساحة البلاد 207.600 كيلومتر مربع، تغطي الغابات ما نسبته 38% من تلك المساحة, وهي دولة حبيسة لا توجد لها حدود بحرية.
أنهار وغابات واستواء
أغلب الأراضي في بيلاروسيا مستوية لا توجد بها جبال أو هضاب، رغم وجود كم كبير من المستنقعات في الأراضي التي تغطيها الغابات, ويمر في بيلاروسيا أنهار متعددة تغذي البلاد بالمياه الكافية للزراعة والصناعة واستهلاك السكان, رغم استواء بيلاروسيا النسبي إلا أنها مرتفعة نسبياً عن مستوى سطح البحر، مما جعلها تتمتع بشتاء قارس البرودة بسبب المناخ القاري في المنطقة وعدم وجود مسطحات مائية تخفف من حدة برودة الأجواء، إلا أن هذا الارتفاع يجعل درجات الحرارة في الصيف جيدة إلى حد كبير ليسود مناخ معتدل في ذلك الفصل.
اقتصاد اشتراكي تابع للدولة
الاقتصاد في بيلاروسيا يسير على النمط شبه الاشتراكي إلى حد كبير، ويعمل حوالي نصف السكان في الشركات والمؤسسات المملوكة للحكومة، بينما الأعمال الخاصة المملوكة للمواطنين البيلاروسيين، بينما توجد نسبة ضئيلة من الاستثمارات الأجنبية التي يكون أغلبها من شرق أوروبا أو من روسيا, كما توجد في البلاد القليل من الموارد الطبيعية التي تقتصر على كميات قليلة من النفط والغاز الطبيعي وغيره، لم يتحول نمط الإنتاج الصناعي كثيراً عن المرحلة السوفييتية، وتنتج بيلاروسيا المنسوجات والأخشاب كمنتجات أساسية في اقتصادها، إضافة إلى المنتجات الزراعية والآلات الزراعية خاصة الثقيلة منها.
الحروب العالمية وإنهاك البلاد
أكثر ما يلاحظه السياح تغنى عاصمة جمهورية بيلاروسيا «مِنسك»، أو ما يعرف بـ»روسيا البيضاء»، بتخليد ذكرى جنودها المشاركين في الحربين العالميتين، التي ألحقت ضرراً كبيراً في البلاد تمثل في خسارة ثلث السكان وأكثر من نصف الموارد الاقتصادية, تحتفي «منسك» بجنودها وضحاياها الذين دفعوا حياتهم ثمناً للحرية، فتجدهم يتمثلون في شكل نصب وتماثيل في الشوارع، والمتاحف، والأنفاق، فضلاً عن خنادق حفرت خصيصاً لتجسيد حياتهم بآلامها وأحزانها كما كانت.
“مِنسك” مدينة صناعية عالمية
مدينة «مِنسك» العاصمة البيلاروسية التي يبلغ عدد سكنها أكثر مليوناً ونصف المليون، وتحتوي على 20 مدينة، و23 بلدة، و5250 قرية, وهي تعتبر أعلى مستوى في الإنشاءات السكانية في الجمهورية، فهي تخطط منذ عام 2011 ولغاية 2015 لبناء 7.275 مليون متر مربع من البيوت.
وتحولت المدينة إلى منطقة ذات قدرة صناعية وزراعية هائلة، ونجحت في إرساء بنية تحتية تسهم في خدمة الاتحاد السوفييتي، وبعد انحلاله في عام 1991, ولعل أبرزها صناعة الشاحنات، حيث تمتلك اليوم «مِنسك» ثالث أكبر مصنع لإنتاج السيارات في العالم، حيث ينتج مجموعة واسعة من الشاحنات الضخمة التي تصل أعلى حمولتها إلى 360 طناً.
الفائض 150 مليون دولار أميركي
ويصدر المصنع «بيلاز» الذي يعد الأكبر في«بيلاروسيا»، 95٪ من منتجاته خارج الجمهورية، إلى أكثر من 65 دولة، منها دول قارة إفريقيا إلى جانب قارة أستراليا وغيرها. ونجح المصنع في زيادة صادراته الخارجية، الأمر الذي يمهد الطريق أمامها لتحقيق أهم أهدافها لحقبة الخمس سنوات المقبلة، وهي معادلة عمليات التجارة الخارجية، وذلك بوصولها إلى فائض يقدر بـ 150 مليون دولار أميركي في نهاية العام 2015.
325 مدينة زراعية متكاملة
في الجانب الزراعي تعد «مِنسك» منطقة ذات قدرة زراعية هائلة، وتعد الصفة المميزة أن لديها بنية تحتية متطورة للتجارة الزراعية، فقطاع الزراعة في المنطقة يحوي أكثر من 34 منطقة زراعية و470 مزارع شخصية تمثل ربع الإنتاج الزراعي في البلاد، وهناك ازدياد بالمنطقة في إنتاج الألبان واللحوم والحبوب والبطاطس والشمندر والخضراوات، وخلال الخمس سنوات الأخيرة بنيت فيها 325 مدينة زراعية متكاملة تتلاءم جميعها مع تركيبة المراكز السكانية المحلية.
الاستثمار في السياحة والترفيه
يعد المجال السياحي في «مِنسك» من أغنى المجالات ذات الوزن في اقتصاد الدولة، الأمر الذي ينعكس في معالم سياحية منوعة يتقدمها متحف «الفنون الوطني» الذي دشن في عام 1939، ويضم، رغم نهب قطع كثيرة منه خلال الحربين العالميتين توجد اليوم في ألمانيا وروسيا، 30 ألف قطعة يعرض منها فقط 10٪.
تشكل مقتنيات المتحف الـ 30 ألفاً إرثاً فنياً وتاريخياً غنياً يعود إلى قرون مختلفة، تتوزع ما بين لوحات منوعة، منها «البورتريه» لشخصيات معروفة كأفراد من العائلات المالكة، ويبلغ تأمين كل لوحة مليوناً ونصف المليون يورو.
منتجع «سيليجي» السياحي المدهش
وإلى جانب المتحف والأماكن السياحية المغلقة في «مِنسك» هناك الأماكن السياحية المفتوحة التي تستثمر الظروف الجوية في خدمة طبيعة خدماتها، ومن أبرزها مشروع «سيليجي» المدشن في العام 2006، والذي يضم منطقة كبيرة لممارسة التزلج، وغيرها من الألعاب الرياضية التي تختلف وتتنوع باختلاف الفصول، والتي خصصت لها كذلك قاعة متعددة الاستخدامات.
ولا يقتصر مشروع «سيلجي» على توفير أكبر وأفضل التلال الطبيعية في «بيلاروسيا» لممارسة رياضات التزلج على اختلافها فحسب، إلى جانب فرصة الاستمتاع بالقيام برياضات أخرى، بل يتعداه إلى توفير مجموعة من المرافق تتوزع ما بين «شاليهات»، و«حمامات السونا الروسية» فندق فخم.
ملاحظات ومشاهدات من بيلاروسيا
السائح الذي يزور بيلاروسيا تلفت انتباهه عدة أشياء منها:
انعدام المطاعم العربية مما يشكل هاجساً للأسر في توفير وجباتهم, لذا يجب على زائري بيلاروسيا تعلم فنون الطبخ.
من الصعوبات التي تواجهها بيلاروسيا في التواصل مع العرب لا توجد خطوط طيران مباشرة, مما أثر سلباً على ترويجها وتسويقها سياحياً.
محدودية الصناعات الاستهلاكية المحلية مثل المواد الغذائية والملبوسات والأحذية وغير ذلك من الصناعات الاستهلاكية.
المواصلات مريحة ومنظمة, إذ توجد باصات للتنقل داخل المدن وخارجها, كما يتوفر فيها التاكسي وبأجرة معقولة.
بيلاروسيا بلد مرتب ومنظم ونظيف تتوفر فيه الميادين العامة والممرات الخاصة برياضة المشي.
الإسكان جيد وبصورة منظمة تعكس مجهود الجهات الرسمية, في التخطيط وتوفر وقوة البنيات التحتية.