يظن الناس كافة أن جميع الأثرياء يعيشون حياة مفعمة بالترف والمتعة، وينفقون أموالهم ببذخ بلا حساب، ويسكنون القصور المنيفة الواسعة التي يتجاوز عدد غرفها الخمسين . الواقع يشير إلى أن هذا النمط من الحياة يعيشه بعضهم فقط، وليس جميعهم، فهناك مليارديرات فضلوا أن يعيشوا حياة البسطاء كغيرهم من أصحاب الدخول العادية من الطبقة المتوسطة، ولا أستطيع أن أجزم أن كان هؤلاء الأثرياء هم من محبي الحياة البسيطة، أم أنهم يضنون على أنفسهم بالمال الذي جمعوه بمشقة وعنت شديدين .
أذكر أنني ذات مرة سألت أحد الأثرياء عن ثروته، فقال لي بأسى لو «ضغطت» على كل «دولار» في ثروتي لتساقطت منه قطرات عرقي .
من اللافت للنظر أن مارك زوكربيرغ مؤسس موقع التواصل الاجتماعي الأشهر في العالم «فيس بوك» الذي يعد أصغر ملياردير في العالم والذي تقترب ثروته من 20 مليار دولار، لا يملك منزلاً وإنما يعيش في شقة بالإيجار، بمبلغ زهيد سنوياً .
أما الملياردير كارلوس سليم اللبناني الأصل، الذي يحمل الجنسية المكسيكية، وأغنى شخص في العالم لعام ،2013 بنى ثروته التي تتجاوز 73 ملياراً بذكائه ومثابرته، وهو الآن يملك أكبر شركة هواتف مكسيكية إلى جانب مئات الشركات، إلا أن سليم يعيش في منزل صغير لا يناسب هذه الثروة الطائلة، كما أنه لم يوظف سائقاً لسيارته، إنما يقودها بنفسه في ذهابه لعمله وإيابه .
بينما الأمريكي وارن بوفيت رئيس مجلس إدارة شركة بيركشير هاثاواي، فمعروف عنه أنه يناصب الأجهزة الإلكترونية العداء، فهو لا يملك جهاز حاسوب في مكتبه، ولا يحمل هاتفاً ذكياً في جيبه، وبيته لا تتجاوز غرفه الخمس، كما أنه هو الآخر يقود سيارته بنفسه، على الرغم من أن ثروته تبلغ 45 مليار دولار .
حقاً ما أعجب هؤلاء الأثرياء فلولا حبهم للمال ما استطاعوا أن يجمعوا تلك الثروات الهائلة، فحبهم له قادهم للعمل والمحافظة على كل دولار تمكنوا من الإمساك به ووضعه في خزائنهم .
إن أفكار الأغنياء حول المال تسير في طرق متوازية لا تتقاطع مع معتقدات الفقراء، فهم يرون المال لا يأتي إلا بالعمل والجهد، بينما غيرهم يعتقد أن الثراء ضربة حظ، كما أن الأثرياء يستشرفون المستقبل أما البسطاء فتشدهم أوهام الماضي نحو الفقر .