على الرغم من الجهود المقدرة التي تبذلها بعض الجهات الرسمية في تسهيل إجراءات الاستثمار وتذليل العقبات التي تعترض سبيله بمراجعة القوانين واستحداث الأنظمة التي تختصر الوقت والجهد في آنٍ واحد، إلا أن مستثمري القطاع الخاص لايزالون يعانون من بيروقراطية الأداء في بعض الدوائر المعنية في الإدارات الحكومية ذات الصلة، وذلك بسبب كثرة الوثائق والمستندات المطلوبة في المعاملات مثل اشتراطات مساحات أو رخص تحتاج موافقات عدة جهات حكومية مما يدخلك في مسارات وإنفاق متعبة تكلف الوقت والجهد والمال على المواطن الراغب في دخول مجال التجارة والعمل.
ومع التقدم التقني والتطور السريع الذي تشهده الأنظمة في تبسيط الإجراءات والمراجعات مع الجهات الحكومية وما يرتبط بها تقنياً من هيئات وقطاع خاص، إلّا أن هنالك معاملات لازال المستثمر يعاني من عدم إنجازها بسبب تبعثر ما يطلب منه من أوراق في أماكن وجهات عديدة – رغماً من دعاية « نافذة الإجراءات الواحدة», هذا عوضاً عن ضعف، أو غياب المعلومة عند الموظف، أو الجهة التي تم التحويل إليها، آخذين في الاعتبار الازدحام الشديد وتباعد المسافات بين الإدارات، وطوابير الانتظار من أجل أخذ، أو تقصي معلومة إجرائية، والمشكلة ليست فقط في تحضير المستندات الكثيرة، بل أيضاً في طلب المزيد منها بشكل مفاجئ ودون أن يكون المطلوب وارداً في قوائم شروط إتمام المعاملة، مما يتعب كاهل المستثمر أو المواطن الذي يرغب في التفكير في الاستثمار والإنتاج في أي نشاط، لأنه يدخل في دوامة ترهقه نفسياً.
مثلاً: عند فتح أي نشاط اقتصادي يجب علي المستثمر أن يلم بمتطلبات جهات أخرى خارج ذلك النشاط وعليه بمراجعة وسداد رسوم تلك الجهات بحسابات وأرقام مختلفة، وتكلفه الإجراءات زيارة عدة جهات منها وزارة التجارة والغرف التجارية والبلديات والدفاع المدني والأمانات ومصلحة الزكاة والدخل ومكتب العمل والتأمينات الاجتماعية وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية والجهات المرتبط مباشرة ببداية الترخيص كالمؤسسة العامة للتدريب المهني ووزارة الإعلام ووزارة الداخلية والجمارك ووزارة التعليم، هذا فضلاً عن زيارة البنوك وتحديث البيانات وكشف الحساب وغيره من التعاملات البنكية.
فأين المسؤول عن المنشآت الصغيرة والمتوسطة وما دورهم وماذا قدموا للشباب والمواطن؟ نحتاج خدمة قوية للتسهيل في الإجراءات وتشجيع الشباب في البحث عن نشاط يسهل له سبيل التجارة والإنتاج ، وعليهم المضي في تلمس العقبات الحقيقية التي تعترض مسار المستثمر بتقليص عدد الوثائق المطلوبة، وإعطاء صلاحيات أكثر للإدارات المعنية بالإلمام بالمعلومات والأسئلة الشائعة والمحتملة حتى يكونوا مرجعاً موثوقاً للمراجعين، ودعم وتشجيع عملية الحصول على الوثائق بشكل إلكتروني وتسهيل استخراج التأشيرات العمالة المهرة والكوادر المؤهلة التي سيكون مردودها إيجابياً في الإنتاج كماً ونوعاً لدعم الاقتصاد ورؤية 2030، وليس هناك عذرا مع الضريبة المضافة من أي جهة أو مسؤول بعدم التسهيل أو خدمة المستثمر.