إعداد / تركي بن سعد البواردي
عندما حدد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنميةعام 2030 ليكون عام اكتمال تحقيق نهضة المملكة العربية السعودية ووضعها على مسار الدول الصناعية والتقنية استنادا على أهداف رؤية 2030 المبنية على برنامج التحول الوطني فهو بذلك يبعث رسالة صريحة إلى القطاع الخاص للبدء فوراً في إعادة هيكلة القطاع ليتوافق مع أهداف رؤية المملكة، وخلال سنة ونصف تجاهل معظم القطاع الخاص الاطلاع على برامج ومبادرات التحول الوطني وتحديد الأولويات ودراسة التأثيرات ووضع برنامج زمني للتصحيح فصدم الجميع بعد ذلك بعدد من القرارات التي أربكت أعمالهم وأوقفت مشاريعهم، فكانت تكلفة التصحيح بعد ذلك عالية جداً.
لماذا العقار؟
العقار تجده في كل مكان في الطرق في الفنادق في المنتجعات في النوادي الرياضية في الملاعب في المستشفيات في المدارس في المصانع في المكاتب في الأبراج في المولات في المطارات في المزارع في الاستراحات في المباني الحكومية في المجمعات السكنية والتجارية في البنى التحتية. باختصار هو كل شيء من حولنا!
أهمية العقار
تكمن أهمية العقار بالنظر إلى دوره الحسّاس في الاقتصاد. ففي دول العالم الصناعي، للعقار أربعة محاور تشكل مساره الاستراتيجي المؤثر.
الأول: عامل تمكين للنشاط الاقتصادي من خلال توفير مساحات للشركات والمصانع لتشغيلها، توفير وتطوير الأراضي لبناء المدراس والمستشفيات وغيرها من المشاريع، توفير بنية تحتية تجارية ذات جودة عالية تجذب رؤوس الأموال وتصنع سمعة جيدة للدولة كمركز حيوي للاستثمار.
الثاني: مصدر رئيسي لخلق وظائف “للمواطنين” كالمهندسين والمعماريين والمساحين والبنائيين والمستشارين الماليين والقانونيين ومديري المرافق وغيرهم كثير.
الثالث: عامل جذب للمستثمر الأجنبي والمحلي للاستثمار في المجال العقاري والصناديق العقارية وغيرها سواء كان المستثمر فردا أو كيان مؤسسي مما يساعد على التوسع في الأنشطة التجارية والسكنية.
الرابع: مصدر دخل لخزينة الدولة عن طريق الضرائب التي تختلف بحسب نوع العقار وحالة المالك.
العقار السعودي بوضعه الحالي لا يعتبر مؤثراً في الاقتصاد كما هو الحال في دول العالم الغربي والشرقي فهو لا يلعب دورا فاعلا في الاقتصاد السعودي، بل على العكس يشكل عائق للدولة ويستنزف مبالغ ضخمة من الميزانية كتعويضات لنزع الملكيات لإقامة مشاريع البنى التحتية أو شراء أراض لإقامة مشاريع خدمية؛ ويشكل عامل ضرر للمواطن لأسباب منها عجزه عن تملك مسكن نظرا لتضخم قيمة العقار السكني ومنها أيضا بسبب اقتطاعه جزءا كبيرا من راتبه سواء كان إيجارا أو قرضا. أما بالنسبة لضريبة القيمة المضافة فلا تُمثّل شيئا يذكر مقارنة بالضرائب المفروضة على العقار في دول العالم الأول.
لقد أصبح برنامج التحول الوطني الذي أعلنه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في الشهر السادس عام 2015 قاعدة أساسية للعمل التجاري, فلم يعد الاستثمار التقليدي الذي يتجاهل أهداف ومبادرات برنامج التحول الوطني مقبولا!! ورؤية المملكة 2030 تعتمد بشكل جذري على برنامج التحول الوطني.
برنامج التحول الوطني مرتبط بأنماط الحياة لذلك فهو يؤسس لمرحلة ما بعد عام 2020، فكما هو معلوم أن هناك ثلاثة أجيال تعيش حاليا:
جيل الألفية الذين تتراوح أعمارهم اليوم ما بين (21-34)
الجيل الذي ولد بعد عام 2000
جيل شيخوخة الغد والذين تتراوح أعمارهم اليوم ما ببين (35-49)
نجاح الاستثمار العقاري خلال العقد القادم يعتمد على دراسة المسار الاجتماعي والمسار الاقتصادي، فالتحولات الكبرى في النمط الاجتماعي مثلا يعتبر أحد أهم الأثار الإيجابية لبرنامج التحول الوطني، ومن المعلوم بالضرورة أن الاستثمار في العقارات التجارية والسكنية مبني على سلوك المستهلك، نوع العقار الملائم لطبيعة النمط المعيشي المتوقع. فدراسة المسار الاجتماعي حتى عام 2030 يرفع من نسبة نجاح الاستثمار, أهم مخرجات برنامج التحول الوطني المتوقعة والمرتبطة بالأنماط الاجتماعيةوالتي سوف تصنع فرصا للاستثمار العقاري هي كالتالي:
فئة الشباب (ذكور وإناث)
- الاستقلالية: لا شك لدي أن التغيير في الوعي لدى الشباب أحدث لديهم نزعة نحو الاستقلال التام عن العيش تحت كنف الوالدين، والاعتماد على أنفسهم في إدارة شئون الحياة. وربما سيكون ذلك بعد الموافقة على اسقاط الولاية.الاستثمار في توفير منتجات عقارية لهذه الفئة القادمة بقوة سوف تفتح مجالا واسعا للربح.
- التقنية: التقنية بالنسبة للشباب هي الروح والجسد، ومع تطور الخدمات التي تقدمها التقنية وتطور مفهوم التواصل المفتوح وما سيكون عليه التعليم عن بعد في المستقبل كل ذلك يحتم على شركات التطوير العقاري البدء في تقديم منتجات عقارية ذكية ذات ميزة تنافسية عالية.
- الاختلاط بالمفهوم المدني: والمقصود هو تحرير فهم النصوص الشرعية ووضعها في إطارها الصحيح بما يتوافق مع الأصول العلمية. الاستثمار العقاري هنا سوف يكون في تقديم منتجات عقارية توفر بيئة مناسبة للجنسين معاّ كالأندية الرياضية، الأندية الفكرية، الملتقيات العامة وخلافه.
- العمل والدراسة: هل سوف يختفي الفراغ من حياة الشباب؟ المؤشرات تقول ذلك. الوضع الاقتصادي ومتطلبات النجاح والحصول على وظيفة ذات دخل عالي سوف يجبر الطلاب على الجمع بين العمل الجزئي والدراسة، وسوف يحفز الموظفين من الشباب على مواصلة دراستهم واكتسابمهارات جديدة. من هنا سوف تندثر العادات من تجوّل في الأسواق والتجمعات وخلافه، هذا المفهوم يندرج تحت المحور الثالث من رؤية 2030 وطن طموح وهو:
(كل منا مسئول عن بناء مستقبله حيث يبني كل منا ذاته وقدراته ليكون مستقلا وفاعلا في مجتمعه ويخطط لمستقبله المالي والعملي). وهذا يمنح فرصا استثمارية لتوفير منتجات ترفيهية راقية عالية الجدودة تكون ملجأ للاسترخاء والاستمتاع بعطلة نهاية الأسبوع.
فئة كبار السن:
خروج الأبناء من المنزل واستقلالهم سوف يحدث تغيير كبيرا في نمط حياة كبار السن خاصة إذا ما استوعبنا تـأثير المسار الاقتصادي على حياة الشباب والتي قد يكون منها تأخر الزواج والإنجاب وتحديد النسل …الخ. تكمن الفرص العقاريةفي تقديم منتجات سكنيةلكبار السن تحتوي على خدمات الرعاية والبيئة الصحية.
المسار الاقتصادي والاستثمار العقاري:
عند دراسة برامج التحول الوطني ومبادرات الأجهزة الحكومية تجد أن من الفرص العقارية المربحة في الفترة القادمة سوف تكون في قطاع السياحة.
السياحة: وهي تعتبر من القطاعات الواعدة التي نص عليها المحور الثاني من رؤية 2030 اقتصاد مزدهر.
في برنامج التحول الوطني حددت هيئة السياحة والتراث عدد من الأهداف منها:
الهدف الاستراتيجي الأول:
إنشاء وتطوير وجهات ومواقع وجزر سياحية ومدن ترفيهية جديدة متكاملة لجميع فئات الأسرة، وتشجيع القطاع الخاص بالاستثمار فيها وتشغيلها.
الهدف الاستراتيجي الرابع: زيادة وتطوير مرافق الضيافة والخدمات السياحية.
والسياحة نوعان:
السياحة الدينية والسياحة العامة: في المحور الأول من رؤية 2030 مجتمع حيوي تم الإشارة إلى ذلك (العمل على إحياء مواقع التراث الوطني والعربي والإسلامي والقديم وتمكين الجميع من الوصول إليها).
(تأسيس متحف إسلامي وسيكون محطة رئيسية لمواطنينا وضيوفنا للوقوف على التاريخ الإسلامي العريق).
الاستثمار العقاري في القطاع السياحي سوف يختلف تماما عما كان عليه الوضع في السابق حيث أنّ توجه الدولة كما أعلن هو في فتح المجال لاستقطاب السياح من جميع أنحاء العالم على مدار العام وهذا يعني انخراط المجتمعات الشرقية والغربية بشكل دائم في المجتمع السعودي وهذا يستلزم توفير منتجات عقارية سياحية تستوعب ثقافة وعادات السياح الأجانب بما يوفر لهم حياة مرنة وبيئة آمنة.
الممكن والغير مستحيل
عندما يستوعب القطاع العقاري المحاور الأربعة المذكورة آنفاً وتتوفر العوامل التالية فلن يكون مستغرباً في المستقبل أن يقدّم القطاع العقاري نفسه كأهم الأدوات الاقتصادية ويلعب دورا تجارياً ضخماً ومحورياً.
- ارتفاع دخل الفرد السعودي.
- فتح المجال لتملك المستثمرين من الخارج.
- فتح المجال لتملك المستثمرين والمقيمين الأجانب من الداخل.
- النظام والبيئة القانونية القوية.
- تحول المدن الرئيسية كالرياض مثلا إلى مدينة ذكية.
- البيئة الضريبية الجيدة.
- الأصول عالية الجودة.
- نوع العقار.
- الاستقرار السياسي.
- النمو الاقتصادي.