دائماً ما يحتاج العقاري المحترف إلى أن يفهم رغبات طالبي العقار وذلك من أجل النجاح، مع تضييق دائرة الرغبة لفهم العميل جيداً وسرعة اقفال البيع.
فالرغبة ليست متساوية عند الجميع، والاقتصاد لم يغفل عن هذه النقطة التي يجب فهمها عند التسويق.
ويطلق على تفضيلات المستهلك في البدائل مسمى (منحنى السواء) في الاقتصاد الجزئي وهي النقطة التي تحقق للعميل نفس درجة الرضا ويحقق أكبر منفعة وإشباع تعكس الميول الحقيقي للمستثمر او طالب العقار، وتأتي من عدة عوامل خفيه قد لا يصرح بها طالب العقار ولكنها موجودة في عقله، غير أنه يترك الفرصة لنفسه في إطلاق حريه الاختيار. وهذه الجزئية هي ما تحير الكثير من المسوقين، فصعوبة انتزاع أو معرفة تلك النقطة في المنحنى الأقرب لرغبته تساهم في ضياع الوقت والجهد.
ففي الأسبوع الماضي حضرت مزاداً لفيلا قديمة جداً تقع في حي المرسلات شمال الرياض في إحدى الفنادق، وهذا المزاد طرح من قبل محكمة التنفيذ التي تطلب شيكاً مصرفياً باسمها لمن يرغب في المزايدة، وذهلت وقتها من عدد المسجلين للشيكات المصدقة وهويات أصحابها لمنح بطاقة المزايدة. فقد تسبب الإعلان عنها بزيادة الراغبين في الدخول، ووقع المسوق العقاري في حرج مما اضطره لفتح قاعات أخرى بشاشات أخرى وتأخر المزاد عن وقته المحدد.
فقد كان للجميع رغبتهم في دخول المزاد، كل بحسب ما يراه، ما جعل العدد كبيراً وسبب ازدحاماً شديداً، بالرغم من محدودية ما ذكر في الإعلان من بعض عناصر تفضيلات المستهلك وهي الموقع والمساحة وعرض الشارع والجهة.
بل بعض المزايدين لم يدخل الفيلا مطلقاً واكتفى بالمعلومات حيث قيمها برغبته فيها كموقع أرض. وكان الصراع والاختلاف في الرغبات مختلفاً في المزاد عند النقطة أو سعر معين يحقق درجة الرضا، فبدأ المشاركون بالتخلي تدريجياً عن شراء العقار كلما ارتفع السعر عند نقطة معينة، فكلما زاد السعر تخلى عنها شريحة حتى وصل سعر كلفة المتر 2930ريالاً وفاز بها آخر مشارك، أما البقية فقد تخلو عنها لوصولها لأسعار لم تحقق معهم درجة الرضا أو المنفعة الأكبر.
مثل هذه الأحداث المهمة تتكرر في السوق ولها تفسير اقتصادي واضح ولكن قد تغيب عن الكثير، فكم شاهدنا قصوراً وبيوتاً سكنية على شوارع رئيسة وتجارية ذات أسعار خيالية، وفللاً قيمتها عشرات الملايين ولكن ليس لملاكها الرغبة في البيع، فليس المال هو الأول لديهم انتبه، وإنما حجم المنفعة الذاتية التي يحققها لنفسه.
*رئيس التحرير