يتطلع الكثير من سكان المدن إلى الهروب من النمط السريع للحياة في المدينة والتصييف على شواطئ الريفييرا في إيطاليا، أو فرنسا حيث الطبيعة الخلاّبة والأجواء الساحرة والاستمتاع بسماء صافية على مد البصر، ومياه منعشة ومناظر اليخوت الجميلة على سواحل الشواطئ ذات الرمال البيضاء الناعمة. نجحت هذه الوجهات السياحية المهمة في العالم في إزالة الحواجز بين الطبيعة البسيطة والبيئة الحضرية، إذ استطاعت المزج بين الثقافة والتاريخ والطبيعة الهادئة الساحرة. ويكمن سحر هذه المساحات الساحلية الشاسعة بقدرتها على الارتحال بزوارها إلى أماكن بعيدة عن الحياة الرتيبة. والأهم من ذلك، من خلال إطلاق العنان للخيال يمكن أن نحول هذه الوجهات والمعالم السياحية لتزخر بالخير والثروات على سكانها.
تشير دراسة للناتج المحلي الإجمالي لإيطاليا إلى أن إقليم كامبانيا، الذي يضم ساحل آمالفي وجزيرتي كابري وسوررينتو، يشكّل 5.5 بالمئة من قيمة الاقتصاد الإيطالي. وفي العام 2017، بلغت عائدات القطاع السياحي في المنطقة عشرة بلايين يورو. وبالمثل، تسهم منطقة ذا هامبتونز، الساحل البحري الراقي الواقع على الحافة الشرقية من لونغ آيلاند، في تنمية اقتصاد ولاية نيويورك، بشكل رئيسي من خلال تنامي الطلب على وجهات سكنية ثانية.
الريفييرا الفرنسية مثال الواجهات السياحية
وفي الواقع، فإن مساحات واسعة من الريفييرا الفرنسية، كانت معروفة بأنها الامتداد الريفي للساحل، حيث اكتسب الناس أرزاقهم بالاعتماد على زراعة الزيتون ورعاية المواشي وغيرها من المهام الريفية والرعوية البسيطة. وفي أواخر القرن التاسع عشر، بدأت أفواج من السياح الأثرياء القادمين من باريس ولندن بالتوافد إلى المنطقة. وبعد ذلك بدأ سكان المنطقة يشهدون انتعاشاً كبيراً في صناعة الضيافة والترفيه التي جلبت للمنطقة ثروات جديدة.
إن المحافظة على البيئة الطبيعية لهذه المناطق، يعد أمراً جوهرياً لنجاحها الاقتصادي. ويحرص مسؤولو القطاع السياحي في الريفييرا على ضمان تأمين تجربة متكاملة استثنائية للعطلات لدى زوار المنطقة التي تتمتع بطقس مشمس ومناظر طبيعية خلابة، تعد العنصر الأكثر جاذبية للسياح هناك. ويحرص المسؤولون على ضمان سهولة الوصول إلى المنتجعات على مدار العام. كما أنهم يوفرون تجارب متنوعة للزوار كالأنشطة الثقافية وأنشطة في الهواء الطلق لتلبية كافة متطلبات المستثمرين الراغبين في وجهة اجتماعية صحية أو الرفاهية للسيّاح المتميزيين.
وفي إيطاليا، انتعش ساحل آمالفي تحديداً، بسبب انعزاله. واليوم، يفخر خبراء السياحة والمسؤولون الحكوميون بأن هذا الساحل ليس للأثرياء فحسب، بل يناسب العديد من فئات الزوار. وفي الواقع، فإن هذا الساحل يجذب الرياضيين من متسلقي الجبال والسبّاحين الذين يبحثون عن مواقع غنية بأنشطة المغامرات وليس ملاذاً للرفاهية فقط. وفي مدن أصغر مثل برايانو وكونكا داي ماريني، فإنه من الشائع أن ترى زواراً ومقيمين يتمتعون بأمواج البحر معاً أو يرتادون طرقاً ريفية وآخرون يقضون أوقاتهم وينفقون أموالهم في مناطق مثل سانتا آجاتا، أو في حقل في بومبيي، حيث التاريخ الغني. وباختصار، فإن ما تتميز به آمالفي هو توفير منتج متكامل يجعل من إقليم كامبانيا ككل، موقعاً سياحياً جاذباً.
تحظى الإمارات بتنوع هائل على شواطئها، يجعل لديها فرصاً استثنائية لتقديم مفهوم ريفييرا ساحرة توفر منتجات سياحية متعددة على سواحلها. فالعيش في مجتمع ساحلي على مقربة من شاطئ بكر في أحضان الطبيعة هو أمر غير متاح اليوم، إلا أنه ليس علينا الانتظار طويلاً. فقريباً ستشهد دولة الإمارات العربية المتحدة ميلاد «ساحل الإمارات»، أولى وجهات الـ»ريفييرا» في الدولة، وتقع على امتداد مساحة رائعة من الساحل بين أبو ظبي ودبي، وهو مشروع سيمنح زائريه تجربة أصيلة لا مثيل لها تدمج بين الثقافة والسياحة، وتجسد التراث الثري للإمارات. وستكون أول وجهة ساحلية من نوعها تتميز بالفن المعماري التراثي الذي سيمتد على الواجهة الزرقاء الساحرة للبحر.
مما لاشك فيه أنه فيما ستشجع الدولة على إيجاد وجهات حيوية وترفيهية في الهواء الطلق على غرار تلك الواقعة على سواحل البحر الأبيض المتوسط، فإن هذه الوجهات أيضاً لديها الإمكانيات لدفع عجلة الاقتصاد الوطني أسوةً بالنجاح الاقتصادي الذي حققته المناطق الساحلية في فرنسا وإيطاليا، حيث تدر دخلاً جوهرياً على اقتصاداتها من عائدات القطاع السياحي وكذلك من حيث تصدير واستيراد البضائع، فضلاً عن أنها تعد لدى الكثيرين بمثابة وجهتهم المنزلية الثانية حتى في أوقات الركود الاقتصادي. ويعد الطقس الجميل على مدى فصلي الخريف والشتاء وأوائل فصل الربيع، عاملاً جاذباً مهماً للمقيمين في الإمارات وللزوار من خارجها، مما يجعل من ساحل الإمارات الوجهة المثالية للراغبين في وجهة منزلٍ ثانٍ.
وتشير الدراسات كذلك إلى أن تنمية الوجهات السياحية في مناطق مثل الكوت دازور في فرنسا من شأنها أن تجذب السكان المقيمين والزوار من حول العالم وتساعد على المحافظة على حجم الإنفاق الداعم للنمو الاقتصادي. عندما تستثمر الحكومات في العالم بسخاء في تأسيس بنية تحتية عصرية مثل سكك حديدية سريعة وخطوط جوية جديدة، فإنها بالمقابل تجلب لاقتصادات دولها ملايين الدولارات سنوياً وفي الوقت ذاته، ترتقي بالمستوى المعيشي للسكان في المنطقة.
ويمتلك ساحل الإمارات، عند إنجازه، إمكانيات كبيرة ستنعكس على الاقتصاد الوطني من حيث خلق العديد من فرص العمل ومنح السكان الفرصة لتجربة نمط حياة جديد مختلف. ويتميز مشروع الجرف، وهو مشروع استثنائي متكامل ومطوّر من قبل «إمكان»، بسهولة الوصول إليه من مبنى المطار الرئيسي الجديد في أبوظبي (ميدفيلد تيرمينال) وأيضاً من مطار آل مكتوم الدولي في دبي. ونتوقع أن تجذب الريفييرا، خاصتنا، عندما يكتمل المشروع بجميع مراحله، كبار المستثمرين المحليين والأجانب فضلاً عن المواطنين والمقيمين وعائلاتهم، ولاحقاً المتقاعدين حول العالم.
في ظل التبصُّر بالمتغيرات والتخطيط الاستراتيجي، نحن على ثقة بأن ساحل الإمارات مُرشّح لأن يصبح من أكثر الوجهات الأصيلة والمتكاملة الجاذبة خلال السنوات المقبلة في الإمارات، على غرار الريفيير االفرنسية.