يواصل السوق السكني في المملكة العربية السعودية توسعه بمعدل سريع، كما يتضح من التسارع القوي المستمر في الأسعار، وفقا لآخر تحاليل شركة الاستشارات العقارية، نايت فرانك.
الرياض وجدة
وتسلط تحاليل نايت فرانك الضوء على أن الرياض وجدة شهدتا تسارعا في قيم الشقق بنسبة %17 و%12 على التوالي، على مدى الأشهر الـ12 الماضية، وهي أسرع وتيرة نمو منذ خمس سنوات.
وأوضح فيصل دوراني، الشريك ورئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط، لدى نايت فرانك: “بدأت حملة الحكومة لتعزيز معدلات ملكية المنازل في عام 2016، ومع ذلك لم تبدأ أسعار المنازل في التسارع إلا في عام 2019. وفي الواقع، ارتفعت أسعار الشقق في الرياض بنسبة % 14.4 منذ عام 2019.
تأثير برامج “سكني” و”وافي”
وربما ليس من المستغرب أن بعض نقاط الضغط التي بدأت تظهر في السوق لم تشهد أي هدوء واضح للأسعار، بل العكس هو الصحيح تماما بفضل برامج مثل سكني ووافي التي شهدت استفادة 160,000 أسرة خلال النصف الأول من عام 2021″.
ويشير تحليل نايت فرانك إلى أن نمو أسعار الفلل بدأ يتباطأ وأنه قد يكون مرتبطا بمسائل القدرة على تحمل التكاليف، إلى جانب التغيرات الهيكلية الأخرى في السوق.
وأضاف دوراني: “بشكل غير متوقع، أن ملكية المنازل أصبحت في الواقع أكثر يسرا منذ إطلاق خطة التحول الوطني. فالشقق المكونة من غرفتي نوم، على سبيل المثال، تكلف في المتوسط 2.4 ضعف الدخل السنوي، مقارنة بمضاعف قدره 2.7 مرة في عام 2016، وهو ما يندرج ضمن عتبات القدرة على تحمل التكاليف المقبولة عالميا.
في حين أن الفلل أيضا أصبحت بأسعار معقولة، فإنها لا تزال تكلف في أي مكان بين 7-12 ضعف الدخل السنوي”.
وإلى جانب تحديات القدرة على تحمل التكاليف، من المتوقع أن تؤدي التغيرات الاجتماعية إلى ابتعاد الطلب عن العقارات التقليدية المستقلة كالفلل والتوجه لوحدات أصغر، حيث يقع المجتمع ونمط الحياة في قلب التطورات، مما يوفر وسائل الراحة الحديثة، ومن المقرر أن يعيد تشكيل المشهد السكني في المملكة.
شراء شقة كأول منزل
كما أوضح دوراني: “ليست القدرة على تحمل التكاليف فقط هي التي أصبحت مشكلة عندما يتعلق الأمر بالفلل، بل أصبحت الآن أكثر قبولا ثقافيا بالنسبة للعائلة لشراء شقة كأول منزل لها.
كما أن نسبة الشباب في السعودية تبلغ %56 تحت سن الـ35، ومن المتوقع أن يكونوا أقل تقيدا للعيش في منزل عائلي مشترك، مما يخلق المزيد من الطلب على السكن. وعلاوة على ذلك، ومع تسارع معدلات خلق فرص العمل في قلب المملكة الاقتصادي، الرياض، من المرجح أن يتسارع الطلب على المساكن الفردية، ملمحا إلى بداية تحول هيكلي في ديناميكيات الطلب في السوق”.
على الرغم من مسائل القدرة على تحمل التكاليف للمنازل الكبيرة وديناميكيات العرض والطلب المتغيرة، لا تزال توقعات نايت فرانك للقطاع مزدهرة، ليس أقلها بسبب حجم العرض المحدود، الذي من المتوقع أن يضيف 730,000 منزل إلى الرياض بحلول نهاية 2030، وهو ما يمثل وفقا لنايت فرانك نقصا لا يقل عن 420,000 منزل.
تفاوت القدرة على تحمل التكاليف
وفي أماكن أخرى، شهد سوق جدة السكني ارتفاعا في أسعار الشقق بنسبة %11.7 خلال الأشهر الـ12 الماضية، وهو أيضا أقوى معدل نمو منذ خمس سنوات على الأقل. من ناحية أخرى، ارتفعت أسعار الفلل بنسبة %1.3 فقط خلال نفس الفترة.
وأشار دوراني إلى أن “التفاوت في سوق جدة السكنية هو في جزء كبير منه بسبب مسائلة القدرة على تحمل التكاليف، حيث تبلغ تكلفة الفلل في جدة أكثر من 12 ضعف الدخل السنوي، وهو أعلى بكثير من المستويات المقبولة عالميا والتي تتراوح بين 4-6 أضعاف الدخل”.
انعكاساً لسوق جدة، فقد ارتفع متوسط أسعار الشقق في منطقة الدمام بنسبة%5.5 حتى الربع الثالث من عام 2021، في حين انخفض متوسط أسعار الفلل بنسبة %1.9 خلال نفس الفترة.
على عكس الرياض، يستجيب المطورون مع ظهور عدد متزايد من مشاريع تاون هاوس كخيار بديل للمشترين لأول مرة.
ويجري تسعير هذه على مستوى أكثر بأسعار معقولة (مثلاً مليون ريال مقابل متوسط الدخل السنوي في منطقة الدمام لـ215 ألف ريال سعودي)، والتي تعتقد نايت فرانك سوف تساعد في سد فجوة القدرة على تحمل التكاليف في السوق السكني في المنطقة.