محاربة العشوائية والتخبط التي كانت محيطة بالوسط العقاري تحتاج لاستراتيجية كاملة لتصحيح أوضاع القطاع، وللحد من هذه التشوهات لابد من عزيمة قوية وفكر ثاقب يضع الدواء في مكامن الداء، وبهذه المفاهيم سعت الجهات الحكومية المختصة في تسخير التجربة العقارية لوضع حلول ناجزة ومستدامة مستفيدة من التقنيات بدرجة كبيرة من أجل بيئة عقارية خالية من العيوب بقدر الإمكان.
فأطلقت وزارة العدل العام الماضي البورصة العقارية لتكون قيمة الصفقات متاحة في الشبكة العنكبوتية؛ ويُعوِّل عليها المهتمون كثيراً في تحليل اتجاهات السوق، لصورة تقريبية لقيمة الأصول العقارية، ولها مزايا إحصائية اقتصادية في كشف قوة القطاع واستثماراته، وفي نهاية شهر فبراير الماضي أطلقت وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان المؤشر الإيجاري وبدأت تطبيقه في ستة مدن، هي (الرياض، وجدة، ومكة المكرمة، والدمام، والخبر، والمدينة المنورة)، حيث يتم وضع متوسط لأسعار الإيجار للوحدات السكنية في أحياء هذه المدن، إضافة إلى وضع متوسط سعر متري للوحدات التجارية للأحياء، بما يزيد من شفافية الأسعار، والعقود المبرمة في القطاع الإيجاري، مما يجعل كل المعاملات العقارية (بيعاً وشراءً وتأجيراً) أمام المستهلك الأخير وهو (المواطن أو المستثمر)، وحتماً سيستفيد منها في رسم صورة تقريبية للقيمة التأجيرية للعين العقارية، أو سيضع تصوراً مقبولاً للعقار الذي يرغب في إيجاره حسب المبلغ المرصود لهذا الغرض.
لذلك يتوقع العقاريون أن يؤثر المؤشر الإيجاري كثيراً في ثقافة المالك والمؤجر والوسيط وسيكون العرض في متناول الطلب؛ وذلك لأن التقنية أصبحت مرآة صادقة تعكس واقع السوق، وتضع كل شيء أمام الجميع، واختصرت المسافات وطوت عقارب الساعة؛ ومكتبك ومستشارك كله أصبح رقمياً، فمن جوالك تستطيع أن تحدد الخطوة الصحيحة التي يمكن أن تنفذها دون عناء، وهذا بالقطع لا يعني الاستغناء من المشورة من أهل الاختصاص والخبراء الذين سيدققون كثيراً في العقود المبرمة خشية أن تكون هنالك عقوداً أراد بها أصحابها أن تكون فيروساً وطعماً لآخرين.
نتمنى من الوزارة تكثيف الوعي للمواطنين والمستثمرين بالندوات وورش العمل والدورات عن أهمية الاستفادة من هذه المؤشرات وكيفية التعامل معها حتى تتم الفائدة المرجوة.