لم تعد فكرة تطوير الأحياء القديمة والتاريخية في المدن الكبيرة بالمملكة ترفاً أو نوعاً من الكماليات التي تستوجب التأجيل، بل أصبحت ضرورة مُلحة وجزءاً من خطط الدولة، لذلك نفذت الجهات المختصة الكثير من الإزالات في الأحياء العشوائية لتحل محلها أحياء عصرية صالحة للاستثمار المتنوع وطويل الأجل؛ مما يبث الطمأنينة في تفكير المستثمر.
طبيعة التخطيط في المدن الكبيرة يحتاج لتوازن وتدخل اقتصادي لمعالجة الهجرة نحو الأحياء الجاذبة لضخ الأموال التي أصبح الضغط عليها وعلى خدماتها كبيراً؛ لذلك طرأت أهمية تحسين المشهد البصري في الأحياء الشعبية بإيجاد خطط استراتيجية في تغيير نمط العمران فيها بتشييد المجمعات السكنية الحديثة والفنادق والحدائق والمنتزهات والأسواق المتنوعة والمولات بجانب المنشآت الخدمية التعليمية والصحية.
الأحياء القديمة تمثل جانباً مهماً من تاريخ المملكة وذكريات المواطنين؛ لذلك ستجد حظها الوافر من الاهتمام الرسمي، وخاصة أن هنالك دراسة حديثة بعنوان «التكنولوجيا الحضرية» تحدثت عن فرص هائلة لنمو المدن الذكية في المملكة العربية السعودية، وكشفت عن استثمار حوالي 4 مليارات دولار لتطوير بنيتها التحتية الرقمية، ضمن أهداف رؤية 2030.
وفي ذات السياق، طرحت وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، لائحة تنظيمية للممكنات والمحفزات العمرانية للأحياء العشوائية، تحتوي على حزمة من التسهيلات، أبرزها إعفاء المطور من رسوم الخدمات البلدية وضريبة التصرفات العقارية، والتنسيق مع وزارة المالية لوضع ضوابط الإعفاء. وغير ذلك من المحفزات، وهذا يدل على توجه الجهات لتنمية هذه الفرص.
كما يجب على القطاع الخاص أخذ المبادرات الرسمية بعين الحسبان في التخطيط لمشاريعه، حتى تواكب وتوافق رؤية القيادة بترقية المدن والمنافسة، مثل أن تصبح الرياض من أكبر 10 مدن اقتصادية في العالم، وعزز ذلك اعتماد إستراتيجية المدن الذكية، التي تهدف إلى تحويل خدمات القطاع البلدي والسكني إلى «خدمات ذكية».
لذا، نقترح تنظيم ملتقى خاص يجمع الجهات المختصة مع الشركاء لبحث كيفية تحويل الأحياء القديمة والعشوائية إلى مناطق جذب سكني واستثماري وثقافي، بعد أن توفرت كل مقومات النجاح لذلك.