مازال الركود في السوق العقارية المحلية مخيما على كبرى مدن المملكة العربية السعودية، وبدأت تظهر في أجزاء محددة منه «مخططات الأراضي السكني والتجاري» نشاطا غير مسبوق! حيث بدأت تشهد عمليات ( تخارج) بيع ضخمة جدا على مستوى قيمها ومساحاتها، تخطت قيمها منفردة قيم تداولات السوق العقارية بأكملها، واللافت أن بعضها يقع في مواقع مميزة من المدن، عدا أن جميع تلك المخططات تحتل مواقعها داخل النطاق العمراني للمدن.
التخارج من العقار
وتشير هذه التحولات بصورة واضحة إلى زيادة عمليات التخارج وبيع مخططات الأراضي السكني منها والتجاري بتلك المساحات الشاسعة، مقابل استمرار الركود المخيم على مبيعات المنتجات العقارية من وحدات مساكن بمختلف أنواعها، فهذا يعكس مؤشرات بالغة الأهمية بالنسبة لأطراف السوق، والمجتمع الاستهلاكي عموما، وتتلخص تلك المؤشرات في بداية التأثر القوي للسوق العقارية بقرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء داخل المدن والمحافظات، ولهذا فإن بدء عمليات بيع مخططات الأراضي داخل المدن بتلك المساحات الشاسعة منها، يعتبر بداية لحقبة زمنية ستشهد مزيدا من بيع مخططات الأراضي المتوقع أن تنطبق عليها رسوم الأراضي! ويؤمل في بدء ما اصطلح على تسميته في عالم الأسواق بـ (بيع القطيع)، ألا تكون الحكومة ممثلة في وزارة الإسكان الطرف المشتري لتلك المخططات، وألا تتورط في الشراء بتلك الأسعار المتضخمة جدا، الذي سيعرض المخصصات المالية الهائلة لديها من قبل الدولة إلى التلاشي مبكرا، وسيتسبب في هدرها بطريقة تخالف توجهات الدولة، حينما أقرت تلك الأموال الهائلة لمعالجة أزمة الإسكان لدينا.
البيع هربا من الرسوم
بدأت نافذة الخروج من العقار بتخارج كبار الملاك دون أن يشعر بهم بقية أطراف السوق، سرعان ما ستهوي بعدها مستويات الأسعار بصورة كبيرة جدا، لتدخل السوق العقارية في فترة زمنية طويلة «قد تمتد إلى عشرة أعوام قادمة على أقل تقدير، تمثل المرحلة الأخيرة من الدورة العقارية الراهنة، والمرحلة الأولى من الدورة العقارية التالية» السمة الغالبة عليها الهبوط المستمر في مستويات الأسعار، وهو ما يحدث فعليا الآن في السوق العقارية المحلية التي تتأهب لآخر مرحلة زمنية من دورتها الاقتصادية الراهنة «الممتدة منذ عام 2004 وتنتهي مطلع 2021»، وصلت إلى ذروتها السعرية «الفقاعة السعرية الأكبر» في منتصف 2014 الماضي، سرعان ما بدأت في التراجع مع مطلع الربع الأخير لعام 2014 ولا تزال مستمرة حتى تاريخه، وهو ما تم توثيقه أسبوعيا في هذا التقرير الاقتصادي، مستندا إلى البيانات الرسمية المنشورة على موقع وزارة العدل.
بيع المخططات
وشهدت مدينة جدة خلال الأسبوع الماضي بيع مخطط أراض تجاري بالكامل في أحد الأحياء المميزة فيها (حي الزهراء)، بلغت قيمة الصفقة ثلاثة مليارات ريال، بمساحة مخطط ناهزت 245 ألف متر مربع «بلغ متوسط سعر المتر 12.3 ألف ريال للمتر المربع». كما شهدت بيع ثلاثة مخططات لأراض سكنية داخل النطاق العمراني لمدينة جدة، توزعت على اثنين من أحياء جدة «الأجاويد، والهدى»، وصلت مساحاتها مجتمعة إلى 1.12 مليون متر مربع، بقيمة إجمالية وصلت إلى 5.2 مليار ريال، واللافت أن تلك الصفقات تمت دون أي إشارة إليها من قبل وسائل الإعلام المختلفة، التي اعتادت الاحتفال بمثل هذه الصفقات الضخمة، وهو أمر يدعو للاستغراب مقابل ما نشهده من احتفاء إعلامي كبير بمزادات عقارية لا تتجاوز قيمتها حتى 1.0 في المائة من قيمة تلك الصفقات العقارية الضخمة.