لم تأتي إشادة صندوق النقد الدولي بقوة الاقتصاد السعودي وتحمله لخسائر هبوط سعر النفط العالمي من فراغ أو مجاملة, بل جاءت بناءً للأرضية الصلبة والقوية التي ينطلق منها الاقتصاد السعودي صاحب الخبرات الطويلة والمتمرسة في امتصاص الهزات الاقتصادية العالمية.
لذلك جاءت التوصية التي أصدرها المديرون التنفيذيون أعضاء المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في بيانهم حول مشاورات المادة الرابعة بشأن الاقتصاد السعودي مؤخراً، بضرورة وجود إيرادات إضافية للدولة, ومن تلك التوصيات فرض ضريبة ورسوم على الأراضي البيضاء التي تنتشر في مدن المملكة الكبيرة بصورة ملاحظة مما كان لها الأثر الكبير مضاعفة أزمة السكن في المملكة.
ذهب المحللون الاقتصاديون إلى أن استحداث فرض ضريبة القيمة المضافة لتوصية (فرض رسوم على الأراضي البيضاء) من أنجح الوسائل التي ترفع الإيرادات الأخرى وهي تستحق الوقوف عندها بالتحليل المنطقي والمسنود بأرقام تقريبية تؤكد ما ذهبنا.
تقول لغة الأرقام والبيانات إن مساحة الأراضي البيضاء في مدن المملكة الكبرى (الرياض مكة المكرمة – جدة – المدينة المنورة – والدمام والخبر) تبلغ حوالي 50% بالمتوسط من نطاقها العمراني والمساحات البيضاء تصل إلى أكثر من 3700 كم مربع أي أكثر من 3.7 مليارات متر مربع. ويمكن أن تستوعب أكثر من 7.4 مليون أسرة توفر لها المسكن المريح , مما يعد حلاً جذرياً لمشكلة السكن لو تمت الاستفادة منها بالطريقة المثلى, علاوة على ذلك مثل هذه المساحات الشاسعة والكبيرة تدر إيرادات مقدرة للخزينة العامة في حال تم اعتماد الرسوم عليها.
وفيما سبق رشح في الأخبار أن وزارة الإسكان تداولت مقترحاً بتحديد الرسوم بحسب قرب الأرض من مركز المدينة بحيث تكون بأعلى حد 120 ريال على المتر وأقل رسم 10 ريالات للمتر فإن ذلك سيعادل حوالي 11 دولارا وهذا يعني إيرادات قد تصل إلى 160 مليار ريال سنوياً. وهي مبالغ تعوض خسائر النفط بما يقارب 14 دولار لكل برميل, أي يقلل تأثير انهيار أسعار النفط من 100 ريال إلى 50 ريال للبرميل.
ومن زاوية أخرى , في حال تطوير هذه الأراضي ستحدث حراك اقتصادي هائل في كل القطاعات الخدمية وقطاعات المقاولات والبناء والتشييد , وسيشهد قطاع التجزئة انتعاشاً كبيراً حيث تكمن حاجة الأحياء الجديدة لباقة خدمات متكاملة (بقالات – مغاسل – محلات خضروات – محطات وقود -.. الخ ) ( مدارس – مستشفيات – بنوك) وكل المراكز الخدمية وكل الشركات التي تقدم المنتجات الاستهلاكية, هذا فضلاً عن الفرص الوظيفية التي ستوفرها هذه المعطيات والشركات والأفرع الجديدة لها التي ستنتشر في الأحياء الجديدة وامتدادات المدن .