شهدت سوق العقارات السكنية في بريطانيا خلال نوفمبر 2024 انتعاشًا ملحوظًا، حيث ارتفعت أسعار المنازل بأعلى وتيرة سنوية منذ عامين. هذا النمو جاء مدفوعًا بتحسن ظروف الإقراض العقاري وزيادة الأجور، مما ساعد في تعزيز الطلب على المنازل رغم استمرار تحديات الاقتصاد الكلي.
أرقام قياسية لنمو الأسعار
وفقًا لتقرير صادر عن شركة الإقراض العقاري نايشن وايد، ارتفع متوسط أسعار المنازل بنسبة 3.7% على أساس سنوي في نوفمبر، مقارنة بـ 2.4% في أكتوبر. هذه النسبة تمثل أعلى معدل نمو منذ نوفمبر 2022.
على المستوى الشهري، ارتفعت أسعار المنازل بنسبة 1.2%، ليصل متوسط سعر المنزل إلى 268.144 ألف جنيه إسترليني (ما يعادل 340.22 ألف دولار)، وهو مستوى يقل بنسبة 1% فقط عن الذروة التاريخية المسجلة في 2022.
دعم من عوامل اقتصادية قوية
روبرت غاردنر، كبير الاقتصاديين في شركة نايشن وايد، أشار إلى أن “سوق الإسكان أظهر مرونة ملحوظة في الأشهر الأخيرة”، حيث اقترب عدد الموافقات على قروض الرهن العقاري من مستويات ما قبل الجائحة، على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة.
وأضاف غاردنر أن التراجع الأخير في معدلات الفائدة على قروض الرهن العقاري، بعد الذروة التي سجلتها في صيف 2023، كان له دور كبير في تعزيز الطلب. كما لعبت قوة سوق العمل، مع انخفاض معدلات البطالة ونمو الأجور بوتيرة تفوق التضخم، دورًا حاسمًا في انتعاش سوق الإسكان واستمرار ارتفاع الأسعار.
زيادة في قروض الرهن العقاري
دعمًا لهذا الاتجاه، كشفت بيانات بنك إنجلترا الأسبوع الماضي أن البنوك وافقت على أكبر عدد من قروض الرهن العقاري منذ أغسطس 2022. هذا التحسن يعكس تصاعد الزخم في السوق، مدفوعًا بتراجع تكاليف الاقتراض بعد خفض بنك إنجلترا لأسعار الفائدة الشهر الماضي للمرة الثانية فقط خلال أربع سنوات.
توقعات إيجابية للسوق
يتوقع غاردنر استمرار التحسن التدريجي في سوق الإسكان خلال الأشهر المقبلة، مشيرًا إلى أن التعافي الاقتصادي المتوقع سيعزز الزخم الأساسي للسوق. وأوضح: “من المرجح أن تخف القيود على القدرة الشرائية بفضل مزيج من أسعار الفائدة المنخفضة نسبيًا والنمو المستمر في الأجور مقارنة بأسعار المنازل”.
نقص المعروض وضغوط الأسعار
رغم التحسن الملحوظ، لا تزال الضغوط قائمة بسبب نقص المعروض من المنازل. الحكومة العمالية برئاسة كير ستارمر، التي تولت السلطة في يوليو 2024، وعدت بإصلاح نظام التخطيط لتسريع البناء وزيادة المعروض. ومع ذلك، من المرجح أن يظل هذا النقص عاملًا رئيسيًا يؤثر على الأسعار على المدى المتوسط.
نظرة مستقبلية
بريطانيا تدخل مرحلة من الانتعاش التدريجي لسوق الإسكان، مستفيدة من تحسن الظروف الاقتصادية وانخفاض تكاليف الإقراض. ومع استمرار جهود الحكومة لمعالجة مشكلة المعروض، يبقى السؤال حول مدى استدامة هذا النمو في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية.