مترو الرياض: قاطرة التطوير العقاري والاقتصادي في العاصمة
عماد العبد الرحمن
مع تشغيل مشروع مترو الرياض، والذي تفضل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – يحفظه الله – بتدشينه مؤخرا، تتصاعد التوقعات حول تأثيره الاقتصادي العميق على العاصمة. ويُعد المترو نموذجًا لدمج التطور الحضري مع النمو الاقتصادي المستدام، وهو ما يجعله مكونًا حيويًا لرؤية السعودية 2030. ومن خلال هذه الدراسة سنستعرض أبعاد المشروع وأرقامه، وتأثيره الاقتصادي على القطاعين العقاري والاستثماري.
وبلغت استثمارات المشروع حوالي 22.5 مليار دولار أمريكي، وهو ما يعكس حجم الالتزام بتطوير بنية تحتية عالمية. كما ساهم المشروع في خلق أكثر من 50,000 وظيفة مباشرة وغير مباشرة أثناء مراحل التخطيط والبناء، مع توقع توفير آلاف الوظائف في التشغيل والصيانة.
ويبلغ عدد المحطات 85 محطة، منها 4 محطات رئيسية تعد مراكز تجارية وترفيهية، ما يعزز من النشاط الاقتصادي في محيطها، ويخدم المشروع ما يزيد على 3.6 مليون راكب يوميًا، مما يقلل الإنفاق الفردي على النقل ويزيد القدرة الشرائية للسكان.
ولمترو الرياض العديد من الفوائد الاقتصادية التي يمكن ان نوجزها فيما يلي:
تحفيز القطاع العقاري وزيادة أسعار الأراضي والعقارات إذ تشير الدراسات إلى ارتفاع أسعار الأراضي القريبة من محطات المترو بنسبة تتراوح بين 20-30%، مع توقع استمرار النمو بعد بدء التشغيل.
وتنشيط مشاريع التطوير العمراني حيث تم إطلاق العديد من المشاريع السكنية والتجارية حول مسارات المترو، مما يدفع نحو إنشاء أحياء ذكية تعتمد على قربها من وسائل النقل العام.
وإعادة توزيع السكان والمشاريع حيث يسهم المترو في تقليل الضغط على وسط الرياض من خلال توفير خيارات تنقل سهلة من وإلى الضواحي، مما يشجع على توزيع متوازن للسكان والمشاريع الاقتصادية.
ومن بين الاثار الاقتصادية المهمة لمترو الرياض زيادة الإنتاجية وتقليل التكاليف
ومنها الإنفاق على النقل الخاص إذ بفضل الاعتماد على المترو، يُتوقع أن يوفر السكان ما يصل إلى 20% من نفقاتهم اليومية على الوقود والصيانة، إذ يقل زمن التنقل بنسبة تصل إلى 50% يعني أن العمالة ستقضي وقتًا أطول في العمل والإنتاج بدلًا من الازدحام المروري.
ويعمل مترو الرياض على دعم السياحة والاستثمار ويُعزز المترو جاذبية الرياض للمستثمرين المحليين والدوليين، حيث يوفر شبكة تنقل فعالة تُسهل حركة الزوار والمقيمين. ومن المتوقع أن تتحول المحطات الرئيسية إلى مراكز اقتصادية تجارية تضم أسواقًا وفنادق ومرافق ترفيهية، مما يُسهم في رفع إيرادات قطاع التجزئة والخدمات.
ويعمل المترو على المساهمة في الاستدامة الاقتصادية وذلك من خلال خفض التكاليف البيئية عبر تقليل الاعتماد على السيارات، يُتوقع أن يُوفر المشروع ما يقرب من 5 مليارات دولار سنويًا من تكاليف التلوث والانبعاثات الكربونية.
ويعزز مترو الرياض زيادة الاستثمارات الخضراء ويجذب المشروع العديد من الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة والبنية التحتية المستدامة.
ويمكن قياس تأثير مترو الرياض بالاستناد إلى تجارب دولية مشابهة:
مترو لندن: أسهم في زيادة القيمة العقارية حول المحطات بنسبة 40% خلال السنوات العشر الأولى من تشغيله.
مترو دبي: رفع قيمة العقارات في المناطق القريبة من محطاته بنسبة 30%، وأسهم في تعزيز السياحة والتجارة.
ويُتوقع أن يُحدث مترو الرياض تأثيرًا مشابهًا، مع فرص نمو أكبر نظرًا لكونه أول مشروع نقل عام متكامل في العاصمة.
وبالتأكيد فإن للمشروع جملة من التحديات المحتملة والتي سيلعب القطاع الخاص دورا مهما في معالجتها ومنها التشغيل والصيانة حيث يبلغ الإنفاق السنوي المتوقع على تشغيل وصيانة المترو حوالي 1.5 مليار ريال سعودي، ما يشكل فرصة للقطاع الخاص للدخول في شراكات مع الحكومة لتقليل التكاليف ويتطلب نجاح المشروع تكثيف حملات التوعية والتشجيع على استخدام المترو بدلًا من السيارات الخاصة.
وفي الختام نؤكد ان مترو الرياض ليس فقط حلاً للنقل العام، بل هو مشروع اقتصادي متكامل يعيد تشكيل العاصمة ويجعلها أكثر تنافسية وجاذبية ومن المتوقع أن يكون تأثيره طويل الأمد، سواء من خلال رفع جودة الحياة، أو تحفيز النمو الاقتصادي، أو تعزيز الاستدامة البيئية. مع بدء تشغيله، ستبدأ الرياض مرحلة جديدة كمدينة عصرية متكاملة الخدمات.
إعلامي اقتصادي