يبدو أن سوق العقارات الصيني، الذي يواجه أزمة ممتدة منذ سنوات، قد بدأ يشهد تحسنًا تدريجيًا، وفقًا لتحليلات بنك “يو بي إس” الأمريكي. ويتوقع المحللون أن يصل القطاع إلى حالة استقرار بحلول عام 2026، أي قبل الموعد المتوقع سابقًا، ما يشير إلى إمكانية انتهاء الأزمة في وقت أقرب مما كان متوقعًا.
مؤشرات إيجابية على التعافي
كشف جون لام، رئيس أبحاث العقارات في بنك “يو بي إس للاستثمار”، عن ظهور إشارات مشجعة بعد فترة من التراجع الحاد، أبرزها ارتفاع مبيعات العقارات في المدن الكبرى بنسبة تتجاوز 30% على أساس أسبوعي مقارنة بالعام الماضي. كما أظهرت بيانات منصة “ويند إنفورميشن” تحسنًا تدريجيًا في السوق، مما يعزز الآمال بانتعاش القطاع.
عوامل تدعم استقرار السوق
وفقًا للبنك، فإن أربعة عوامل رئيسية قد تساهم في استقرار العقارات الصينية، وهي: تراجع المعروض العقاري مما يقلل من ضغط انخفاض الأسعار، وارتفاع علاوة أسعار الأراضي كمؤشر على عودة ثقة المستثمرين، وزيادة المعاملات الثانوية التي من المتوقع أن تشكل نصف إجمالي الصفقات العقارية بحلول 2026، وتحسن أسعار الإيجارات، التي بدأت في الصعود منذ فبراير 2025.
الحكومة تتحرك لوقف التدهور
في سبتمبر الماضي، شددت الحكومة الصينية على ضرورة وقف التراجع في القطاع العقاري، الذي يشكل جزءًا كبيرًا من ثروات الأسر وكان يساهم بأكثر من 25% من الناتج المحلي الإجمالي. لكن رغم الجهود الحكومية، فإن شركات التطوير العقاري الكبرى، مثل “إيفرغراند”، لا تزال تواجه صعوبات مالية، مع تراجع مبيعات العقارات إلى نحو النصف منذ 2021.
أزمة بدأت في 2020.. وحلول متأخرة
بدأت الأزمة عندما فرضت السلطات قيودًا صارمة على الاقتراض العقاري في أواخر 2020، مما أدى إلى شح السيولة لدى المطورين وتعثر مشاريع الإسكان. وعلى الرغم من حزم التحفيز الحكومي، فإن القطاع لم يحقق انتعاشًا واضحًا حتى الآن، لكنه قد يتحرك تدريجيًا نحو الاستقرار خلال النصف الثاني من 2025.
تحليلات متباينة حول مستقبل السوق
بينما تؤكد وكالة “ستاندرد آند بورز” أن السوق قد يستقر بحلول منتصف 2025، يشير محللو “ماكواري” إلى أن انتعاش القطاع يتطلب دعماً مالياً مباشرًا من البنك المركزي. كما ترى “ميشيل كوك”، رئيسة قسم العقارات في بنك HSBC، أن هناك عشرة مؤشرات تدل على وصول السوق إلى القاع، من بينها ارتفاع الطلب على المنازل الجديدة وزيادة مشاركة الاستثمارات الأجنبية.
تحديات مستمرة رغم التفاؤل
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، فإن البيانات الحكومية ما زالت تعكس تحديات كبيرة، حيث تراجع الاستثمار العقاري بنسبة 10% في أول شهرين من 2025، بينما انخفض معدل بناء المنازل الجديدة بنسبة 29.6% مقارنة بالعام السابق.
يبدو أن العقارات الصينية تسير ببطء نحو الاستقرار، لكن الأسواق لا تزال تترقب دعمًا حكوميًا أكبر لاستعادة الثقة الكاملة. وبينما يتوقع البعض انتهاء الأزمة بحلول 2026، لا يزال الطريق أمام التعافي محفوفًا بالتحديات.