تعثر المزادات العقارية.. 4 عوامل رئيسية تُعطل إتمام الصفقات
استطلاع: عبدالله الصليح: تتأثر المزادات العقارية بعوامل كثيرة تؤدي دورًا في تقييم نتائجها وقدرتها على تحقيق أهدافها البيعية، مثل التوقيت الزمني لإقامتها وقوة الحملات التسويقية والترويجية للعقارات المطروحة، والتقييم المهني والمنصف لها.
صحيفة «أملاك» العقارية تستعرض في هذا الاستطلاع أبرز التحديات التي تواجه المزادات وأسرار تحقيق صفقات ناجحة.
خالد المبيض: نجاح المزاد يعتمد على نوع الفرصة المطروحة
أكد الأستاذ خالد شاكر المبيض، مهتم بالشأن العقاري، أن نجاح المزاد العقاري يعتمد بنسبة لا تقل عن 70% على نوع الفرصة المطروحة وكمية الطلب عليها، فيما تشكل نسبة 30% الأخرى عدالة التقييم، والتي يجب أن تكون مبنية على أسس ومعايير دولية غالبًا ما تقدّر العقار بأقل من قيمته السوقية.
وأوضح أن تعثر بعض المزادات يعود في كثير من الأحيان إلى التأثير النفسي على المستثمرين نتيجة ما يصدر من قرارات ولوائح، مما يجعلهم يتريثون تحسبًا لانخفاض قادم في الأسعار، وأكد أن هذا السلوك طبيعي ولا يُلام عليه لا منظمو المزادات ولا المستثمرون، إذ إن من الطبيعي أن يحتفظ المستثمرون بسيولتهم حتى تتضح ملامح السوق وتتبدد الضبابية.
وشدّد المبيض على أنه من غير المنطقي تحميل جهة بعينها مسؤولية فشل المزادات العقارية، فالمزادات في جوهرها تعتمد كليًا على قرارات المستثمرين الذين يبحثون عن فرص بأسعار دون السوق لتحقيق مكاسب استثمارية أو تملك عقارات بقيمة مناسبة، وأضاف أن التريث في ضخ السيولة رغم توفر الفرص هو سلوك مؤثر لكنه مؤقت وسينتهي بزوال الضبابية واستقرار الرؤية المستقبلية.
طارق البواردي: العلاقات الشخصية وثقة العميل أكبر دوافع الشراء
قال الأستاذ طارق بن إبراهيم البواردي، تَتِمّة العقارية – إدارة المزادات، إن النجاح في المزادات يعتمد على مجموعة من العوامل المتكاملة تشمل التوقيت، السعر المناسب، كفاءة التسويق، وندرة العرض في المنطقة، وأشار إلى أن غياب أي من هذه العناصر قد يؤدي إلى تعثر عملية البيع.
وأكد البواردي على الأثر الكبير للتوقيت، موضحًا أن المزادات تشهد تراجعًا في الإقبال خلال شهر رمضان وفترة الصيف، بينما يزداد النشاط بشكل ملحوظ في الشتاء والربيع، ولفت إلى أن شهري شعبان، وشوال، وذي القعدة يشهدان عادة ذروة في عمليات البيع والتنفيذ، مع استثناء العام الحالي الذي يشهد حالة من الترقب في السوق، وبخصوص الأيام الأنسب لإقامة المزادات، يرى البواردي أن يومي الثلاثاء والأربعاء هما الأكثر جاذبية للحضور والمزايدة.
التواصل الشخصي أكبر عوامل نجاح المزادات
وفيما يتعلق بالعوامل المؤثرة، شدد البواردي على أن التواصل الشخصي أكبر عوامل نجاح المزادات، وثقة العميل بالوسيط أو الجهة المنظمة تلعب دورًا أكبر في دفع العميل للشراء، إضافة إلى نوع العقار وموقعه الاستراتيجي، وأشار إلى أن اقتراح الاستثمار الأمثل مع تصور استثماري أو تطويري للعقار يمكن أن يزيد الإقبال ويرفع السعر، خاصة إذا تم تقديم العرض بطريقة جذابة وصحيحة من الناحيتين التنظيمية والقانونية.
وعن استقطاب المؤثرين، بيّن البواردي أن تأثيرهم في عملية البيع نسبي، ويعكس في الغالب جهد الشركة المسوقة في حملتها التسويقية، مما يجلب لها فرصًا أخرى لتنفيذ المزادات، وأوضح أن هذا ينصب في التسويق للشركة أكثر من تأثيره المباشر على البيع، وإن كان له تأثير نسبي.
ونصح البواردي الملاك باللجوء إلى المزادات في حالات محددة مثل الحاجة الملحة للسيولة أو الحاجة إلى بيع العقار في فترة زمنية محددة، مشددًا على ضرورة عرض العقار بسعر مشجع في هذه الحالات لتحقيق الهدف الزمني، أما لتحقيق الربح المرضي، وأكد أن رواد المزادات يتجهون للشراء عندما يكون العقار يمثل فرصة حقيقية، وليس فقط بسعر السوق العادي، خاصة مع ندرة العرض في محيط العقار.
وفي ختام تصريحه، أعرب البواردي عن رأيه بأن التقييم لبعض العقارات مبالغ فيه جدًا، وقد يتدخل صاحب العقار في رأي جهة التقييم لزيادة سعره، وشدد على الدور الكبير للمقيمين في التأثير على التسعير وبالتالي على نجاح المزاد، واقترح البواردي على المستثمرين تحديد هدف سعر الافتتاح بشكل واضح، مقترحًا تقسيم المزادات الإلكترونية إلى نوعين: معلن السعر (سعر الافتتاح هو سعر البيع)، وغير معلن (سعر الافتتاح لا يعبر عن سعر البيع)، وذلك لتأثيره على مدى تفاعل المستثمر.
بندر الحمود: حالة السوق أهم وأبرز عوامل بيع العقار
أمّن الأستاذ بندر عبدالله الحمود – الرئيس التنفيذي لمجموعة بندر الحمود للتطوير والتسويق والمزادات، أن حالة السوق تُعد من أهم وأبرز الأسباب المؤثرة في نجاح أو تعثر المزاد؛ ففي حالة الإقبال وتوفر السيولة سيعمل ذلك على نجاح المزاد، وكذلك نوع العقار وسلامته من الإشكاليات في العرض سواء في المواصفات أو المستندات، وأوضح الحمود أن بعد ذلك تأتي الأسباب الفرعية مثل وجود مواصفات مميزة للعرض، أو الضعف في آلية التسويق ووجود إشكاليات في التواصل للمستهدفين من المزاد، هذا بجانب ضعف العلاقات مع المهتمين بهذا العرض، وأشار الحمود إلى أن سعر التقييم العالي للعقار أو المبالغ فيه، يؤدي لتعثر المزاد وعدم بيعه.
خالد الحميدي: التوقيت المناسب والخطط التسويقية.. سر نجاح المزادات
السوق العقاري بشكل عام مرتبط ببعضه البعض، وأيضا مرتبط بأسواق أخرى، ولكن المزادات العقارية تخضع لتقييم ودراسات خاصة بالبيع في المزاد العلني، لذلك فقد يقل التأثر بالأسواق الأخرى بعض الشيء؛ وذلك بسبب طبيعة البيع في المزاد وطبيعة المشاركة والتنافس بين المشاركين والراغبين في الفرصة المعروضة بالمزاد، ونجاح المزادات العقارية أو تعثرها فهو نسبي ومتفاوت ومرتبط بعوامل وأسباب كثيرة، فهذا الأمر طبيعي جداً وليس جديدًا في عالم المزادات العقارية.
العوامل المؤثرة في نجاح المزادات العقارية:
- الخطط والوسائل التسويقية والإعلانية.
- الميزانيات المخصصة لتنفيذ الخطط التسويقية.
- مدة فترة الإعلان والتسويق للمزاد.
- الوصول للجمهور المستهدف وتحديد النطاق المطلوب.
- وقت وموعد ومكان إقامة المزاد.
- توفر مهارات الفريق الداعم للمشاركين والمهتمين بالمزاد.
- دراسة العقارات المعروضة من جميع الجوانب، مميزاتها، وعيوبها، وفرص تطويرها، وفرص الاستثمار فيها، وقيمتها السوقية وارتباطه بالتقييم لغرض البيع بالمزاد، وأيضا توفر اقتراحات أو أفضل استخدامات للعقارات المعروضة.
- وغيرها الكثير من العوامل والأسباب، منها المرتبط بالمزادات الحضورية فقط ومنها المرتبط بالمزادات الإلكترونية فقط، أو المزادات المدمجة ما بين النوعين، فكفاءة هذه الأسباب وقوتها تزيد من احتمالية نجاح المزاد والعكس صحيح، ضعفها أو ضعف أحدها قد يسبب عدم نجاح المزاد.
بالمقابل، هناك أثر كبير في التوقيت الزمني للمزاد، فتحديد وقت مناسب لإقامة المزاد أمر مهم جداً فلابد من الحرص على عدم تعارض موعد المزاد مع أي حدث رسمي يهم المجتمع عامةً أو مع مناسبات وطنية او رياضية أو مواسم دينية مثل: شهر رمضان المبارك وموسم الحج، وأيضا مواعيد الإجازات الرسمية، فهذه كلها لها أثر على نتائج المزاد إما في نسبة النجاح أو مستوى عدد المشاركين أو صدى المزاد، فالتوقيت الزمني للمزاد أمر في غاية الأهمية.
تسعير أو تثمين العقار
وتلعب آلية تسعير أو تثمين العقار دورًا كبيرًا على السلوك العام للمشاركين والمتنافسين على العقارات المعروضة بالمزاد، فطبيعة تثمين العقار لغرض بيعه في مزاد علني يعتبر فرصة للراغبين في اقتناصه ومن المحتمل أيضا زيادة عدد المتنافسين عليه، «باختصار: عالم المزادات عالم ممتع ومشوّق والفرص فيه ببعض الأحيان لا تتكرر إلا نادراً».
لا يوجد مزاد يخلو من أدوات التسويق العقاري لغرض الوصول لأكبر قدر ممكن من المهتمين وتوسيع نطاق الوصول للمزاد، ولكن يختلف مزاد عن مزاد آخر في طريقة استخدام تلك الأدوات والاستغلال الأمثل لها وسد الفجوات والثغرات للحصول على قيمة تسويقية عالية، فالجهود تختلف، وأيضا لا ننسى أن توظيف التقنية والوسائل الحديثة بمنصات التواصل الاجتماعي والمنصات العقارية لتوسعة نطاق الوصول للمزاد وتفاصيله التسويقية.
التنسيق بين منظمي المزادات
من باب تخفيف الأثر لابد من التنسيق في عدم تداخل الفترات التسويقية والإعلانية لمزادات متقاربة؛ وخصوصاً إن كانت تضم نفس نوعية استخدام العقارات وتحديداً في نفس المنطقة، فإن حصل ذلك قد يحدث أثر على كلا الطرفين أو أحدهما، ومن الأفضل تباعد مواعيد فترات المزادات لمزيد من التشويق والتعطش للمشاركة والمنافسة على الفرص، فغالباً نقدم نصائحنا للجهات المنظمة للمزادات بالتنسيق فيما بينهم للاتفاق على جداول زمنية لإقامة المزادات وخصوصاً الحضورية لكي تخدم الجميع البائعين والمشترين والمنظمين أيضاً.
من أبرز الممارسات والسياسات التي أرى أنها تساهم في تعزيز نجاح المزاد العقاري هو اختيار موقع مناسب للمزاد «الحضوري» وسهل الوصول له من قِبل أغلب المشاركين، وأيضاً اختيار منصة رقمية مناسبة لإقامة المزاد الإلكتروني بحيث تكون سهلة الاستخدام تمتاز بوضوح المزايدات فيها، وقوة الدعم الفني وسهولة التواصل معهم، ويفضّل الدمج بين الحضوري والإلكتروني في المزادات العقارية مع توفير جميع الوسائل الخدمية والتقنية في الموقع واختيار مقدم ومحرج مميز ومبدع في قدرته على الربط بين المزايدات الحضورية والإلكترونية في صالة المزاد.
محرج المزادات العقارية
= =
تركي أحمد العصيمي: عقارات المزادات.. لماذا تتعثر الفرص؟
حين لا يُباع العقار في المزاد، فغالبًا لا يكون ذلك لغموض في الأسباب أو تعقيد في المشهد، الأمر في جوهره يدور حول ثلاثة محاور رئيسية: نوع العقار ومدى جاذبيته، السعر المطروح، وجودة التسويق. هذه الثلاثية، حين تكتمل، تُكتب للمزاد فرص النجاح، وحين تختل، يصبح التعثر أمرًا متوقعًا.
ليست كل الأراضي مطلوبة، ولا كل الأسعار مغرية، ولا كل الحملات التسويقية تصل إلى جمهورها المستهدف، خذ مثلًا أرضًا زراعية سُوّقت باحتراف ولكن لم تُبع؛ ربما كانت المشكلة في السعر، وربما في ضعف جاذبية العقار نفسه للعملاء. أحيانًا يكون العقار جيدًا والسعر مغريًا، لكن الحضور ضعيف لأن التسويق لم يُحسن إيصال الفرصة للمهتمين.
البيع في المزادات لا يتم في فراغ، هناك دائمًا مؤثرات خارجية تُعيد تشكيل شهية السوق مثل: التغيّر في التشريعات، مثل القرارات الخاصة برسوم الأراضي البيضاء، كلها تلعب دورًا في صنع حالة من الترقب تؤثر على سلوك المشترين. ما كان يُزايد عليه بشراسة في الأمس، قد يُعرض اليوم بسعر أقل دون أن يلقى نفس الحماسة.
التوقيت الزمني مهم
وفي قلب كل هذا، يبرز عنصر مهم لا يُلتفت إليه كثيرًا: التوقيت. المزادات ليست محايدة زمنياً. الصيف مثلًا موسم نشط بطبعه، أما أشهر رمضان أو نهاية العام الهجري، فهي تشهد فتورًا ملحوظًا. في بعض الحالات، قد تتراجع الرغبة الشرائية بنسبة تصل إلى 40% فقط لأن المزاد أُقيم في توقيت غير مناسب.
وبمقارنة المزادات الإلكترونية بالحضورية نجد الفرق شاسع أيضًا بينهما. في الأولى، إعلان سعر الافتتاح يشجع على التنافس ويزيد من احتمالات الترسية. أما في الحضورية، فإن غياب نشر سعر الافتتاح يترك أثرًا سلبيًا على إقبال المشترين، خاصة من ليست لديهم خبرة سابقة بالمزادات.
وعلى كثرة المزادات، فإن التزاحم نفسه بات تحديًا. ما يُقارب 98 % من المزادات العقارية يشرف عليها مركز الإسناد والتصفية «إنفاذ»، وبمعدل يصل إلى 50 مزادًا في الأسبوع. هذا الزخم، مع دورة تنفيذ لا تتجاوز 21 يوم عمل، يخلق حالة من التشويش لدى بعض المزايدين، ويصعّب عليهم ملاحقة الفرص وتحليلها بعناية.
فجوة ثقافية في فهم آلية المزاد
هناك أيضًا فجوة ثقافية في فهم آلية المزاد، تظهر بوضوح في المحافظات والمناطق الأقل كثافة. يظن البعض أن الفوز في المزاد يُحسم فقط بأعلى سعر، دون النظر إلى أن العقار مُقيم من مُقيّمين معتمدين، ما يخلق سوء فهم يُبعد شريحة واسعة عن المشاركة.
لكن التحدي الأبرز يكمُن في محدودية الوصول للتمويل. اليوم، الغالبية العظمى من المشاركين في المزادات هم من «ملاك السيولة»، بينما يظل المشترون الذين يعتمدون على التمويل البنكي خارج دائرة الفاعلية. السبب؟ شروط البنوك، وقصر فترة السداد – التي لا تتجاوز أحيانًا ثلاثة أيام – وغياب نماذج تمويل مخصصة لهذا النمط من الصفقات.
إعادة النظر في بيئة التمويل
إذا أردنا أن تتحول المزادات العقارية إلى أداة حقيقية لتوسيع تملك العقارات، فلابد من إعادة النظر في بيئة التمويل المرتبطة بها. هناك خطوات بسيطة ولكن فعالة: تمكين المشتري من مستند يوضح قدرته التمويلية قبل دخول المزاد، توفير آلية تمويل مرنة وسريعة تستجيب لخصوصية المزادات، إدراج هذه الصفقات ضمن أولويات البنوك وشركات التمويل، وتبسيط الإجراءات قدر الإمكان.
ما نحتاجه ليس أكثر من توجيه دقيق، وبعض المرونة في النظام. فالمزادات العقارية ليست فقط وسيلة لتصريف الأصول، بل يمكن أن تكون نافذة استراتيجية لتمكين الأفراد، وتحريك السوق، وضمان عدالة التوزيع العقاري. المهم أن تُدار كما يجب، وأن يُعاد ضبط إيقاعها بما يتناسب مع تحولات السوق وطموحات المشاركين.
المدير التنفيذي لشركة تتمة العقارية