صحيفة أملاك – لندن: لم يكن أحدٌ يظنّ أن استثمارًا ضخمًا بقيمة عشرين مليون جنيه إسترليني سيتحوّل إلى صداعٍ مالي لمالكه العربي؛ فقد اكتشف، بعد إتمام الشراء، أنّ “صندوق المفاجآت” الحقيقي يكمن في المستأجرين لا في جدران المبنى. محاولات الإخلاء القانونية أرهقته: محامون، جلسات، رسوم، وإجراءاتٌ بريطانية معقدة… والنتيجة صفر. أسوأ ما في الأمر أنّ العائد الذي كان يحلم به لم يجاوز ٪1 فقط.
ركن القهوة… وباب الإلهام
في إحدى أمسيات الإحباط جلس المالك في مقهى صغير تحت المبنى يضرب كفًّا بكفّ، يراقب المارّة بكلابهم المصقولة. في تلك اللحظة خطرت له فكرة بدت خيالية: “هنا يقدّسون الحيوانات أكثر من البشر؛ فلماذا لا أجعل الكلاب هي كلمة السر؟
”شراء“ فريق النباح
استقلّ سيارة أجرة قطع بها ساعةً ونصفًا إلى سوقٍ متخصّص في الكلاب الأصيلة، وخرج منها بأربعة كلاب فاخرة، يصل سعر الواحد منها إلى عشرة آلاف جنيه. لم يكتفِ بذلك، بل وظّف مربيًا مقيمًا براتبٍ ومكافأة، وأسكنه إلى جوار “فريق النباح” في الطابق العلوي من عقاره. بطاقة ائتمان مفتوحة لطعامٍ ممتاز ورعايةٍ صحية لا تنقطع!
التعليمات المفاجئة
أراد المالك شيئًا محدّدًا: «دع الكلاب تنبح… واجعل مداخل المبنى ساحة نفوذها». تحفّظ المربّي: “سيُفسِد ذلك المكان!” لكن الردّ جاء حاسمًا: «أنا المالك، وهذا ما أريده».النتيجة: إخلاءٌ بلا محاكم لم يمرّ شهر واحد حتى غادر جميع المستأجرين طوعًا. شكاوى، شرطة، زيارات تفتيشية… كلّها انتهت بلا مخالفةٍ قانونيةٍ تُذكر، لأن الحيوانات مسموح بها، والمالك لم يتجاوز لوائح السلامة. بعدها أعاد تجهيز الوحدات وتأجيرها بعقود جديدة وعائدٍ صافي بلغ ٪6—أي ستة أضعاف ما تحقّق سابقًا.
الدروس المستفادة:
1. استوعب ثقافة السوق: ما يُرعِبُ مستأجرًا في بلد قد يكون مألوفًا في آخر؛ وظّف ذلك لصالحك دون خرقٍ للقانون.
2. الأفكار خارج الصندوق أرخص من أتعاب المحاماة—وأحيانًا أكثر فاعلية.
3. إدارة الأصول لا تنفصل عن إدارة السلوك البشري: تذكّر أنّ الاستثمار العقاري ليس حجرًا وإسمنتًا فقط، بل علاقة مع ساكنين متقلبين.
4. كل شيءٍ له حل: قد يبدأ من فنجان قهوة، وينبح عاليًا! خاتمة قد يختلف القارئ مع أسلوب صاحبنا، لكن قصته تبرهن أن الإبداع—لا رأس المال وحده—هو ما يصنع الفارق. في سوقٍ شديد التنافسية كالعقار اللندني، يكمن سرّ النجاح في رؤيةٍ لا يملكها الآخرون… ولو كانت على شكل أربعة كلابٍ تهزّ ذيولها. فهل لديك الجرأة لتجرّب فكرتك “المجنونة” التالية؟
عبدالعزيز العيسى رئيس التحرير