رغم المؤشرات الإيجابية على المستوى السنوي، سجّل التمويل العقاري السكني الجديد الممنوح من المصارف للأفراد في المملكة انخفاضاً شهرياً لافتاً بنسبة 25% بنهاية أبريل 2025، مقارنة بشهر مارس من العام نفسه، في انعكاس واضح لتقلبات الطلب على المنتجات العقارية خلال الفترة الأخيرة.
وبحسب النشرة الإحصائية الشهرية الصادرة عن البنك المركزي السعودي “ساما”، بلغ إجمالي التمويل العقاري السكني الجديد للأفراد بنهاية أبريل نحو 6.297 مليار ريال، مقابل 8.399 مليار ريال في مارس، ما يعني تراجعاً تجاوز 2.1 مليار ريال خلال شهر واحد فقط.
وجاء هذا التراجع نتيجة انخفاض التمويل في مختلف أنواع المنتجات العقارية، حيث تراجع تمويل الفلل السكنية من 5.186 مليار ريال في مارس إلى 3.930 مليار ريال في أبريل، كما انخفض تمويل الشقق السكنية من 2.798 مليار ريال إلى 2.064 مليار ريال، وشهد قطاع الأراضي السكنية تراجعاً من 415 مليون ريال إلى 304 ملايين ريال في الفترة ذاتها.
أداء سنوي يعكس التعافي
ورغم التراجع الشهري، كشفت النشرة عن تحسن ملحوظ في الأداء على أساس سنوي، إذ ارتفع إجمالي التمويل العقاري بنهاية أبريل 2025 إلى 6.297 مليار ريال، مقارنة بـ 5.341 مليار ريال في أبريل 2024، مسجلاً نمواً سنوياً يُقدَّر بأكثر من 956 مليون ريال.
وجاء النمو السنوي مدفوعاً بارتفاع التمويل في جميع القطاعات تقريباً، حيث بلغ تمويل الفلل 3.930 مليار ريال مقابل 3.681 مليار ريال في أبريل من العام الماضي، وحققت الشقق السكنية قفزة كبيرة في التمويل لتسجل 2.064 مليار ريال مقارنة بـ 1.389 مليار ريال في نفس الشهر من عام 2024، في حين ارتفع تمويل الأراضي من 270 مليون ريال إلى 304 ملايين ريال.
القروض العقارية ترتفع ربعياً وسنوياً
وفي سياق متصل، أظهرت البيانات الرسمية ارتفاعاً في إجمالي القروض العقارية المقدمة من المصارف التجارية خلال الربع الأول من عام 2025 بنسبة 4.4% مقارنة بالربع الأخير من عام 2024، حيث بلغت قيمة هذه القروض 922.198 مليار ريال، مقابل 883.279 مليار ريال، بزيادة قدرها 38.919 مليار ريال.
وبحسب التقارير، توزعت هذه القروض على شريحتين رئيسيتين: الأولى للأفراد، حيث ارتفعت من 681.240 مليار ريال إلى 698.760 مليار ريال، والثانية للشركات، التي سجلت نمواً من 202.038 مليار ريال إلى 223.438 مليار ريال، ما يعكس تنامي اهتمام قطاع الأعمال بالاستثمار في السوق العقاري.
أما على أساس سنوي، فقد ارتفع إجمالي القروض العقارية بشكل لافت مقارنة بالربع الأول من العام الماضي 2024، حين بلغ الإجمالي آنذاك 800.445 مليار ريال. ويعني ذلك أن القطاع حقق نمواً سنوياً بنحو 121.7 مليار ريال. وجاءت قروض الأفراد في صدارة هذا النمو، إذ قفزت من 625.240 مليار ريال إلى 698.760 مليار ريال، بينما ارتفعت قروض الشركات من 175.225 مليار ريال إلى 223.438 مليار ريال.
قراءة في المشهد العقاري
تكشف هذه الأرقام عن مشهد عقاري متداخل؛ إذ يشهد القطاع السكني تراجعاً مرحلياً في وتيرة التمويل الشهري، يقابله تحسن تدريجي وواضح في الأداء السنوي، ما يعكس مرونة السوق العقاري في المملكة واستجابته للعوامل الاقتصادية والسياسات التمويلية التي تطبقها البنوك والمؤسسات المعنية.
ويُعزى التراجع الشهري إلى مجموعة من العوامل المحتملة، أبرزها تغيرات أسعار الفائدة، والسياسات الاحترازية للبنوك، بالإضافة إلى عوامل موسمية وتغيرات في سلوك الشراء لدى الأفراد. في المقابل، يعكس النمو السنوي المستمر حالة من الثقة والاستقرار النسبي في القطاع، خصوصاً مع توسع خيارات التمويل وتطور الأنظمة الرقمية المرتبطة بإصدار الرخص والموافقات.
هل يتواصل النمو أم تتكرر التراجعات؟
مع تذبذب الأداء الشهري وثبات النمو السنوي، يبقى التساؤل مفتوحاً حول توجهات السوق في النصف الثاني من 2025، وما إذا كان التراجع الحالي يشكّل استثناءً مرحلياً أم بداية لتحول أوسع في الطلب. ورغم ذلك، تؤكد المؤشرات طويلة المدى أن السوق العقاري في المملكة يواصل التوسع بدعم من رؤية السعودية 2030 التي تستهدف رفع نسبة تملك المواطنين للسكن، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وتطوير المنتجات العقارية والتمويلية.