توقّع البنك الدولي أن يواصل الاقتصاد السعودي تعافيه بعد تباطؤه في عام 2023، مشيرًا إلى تحسن تدريجي في معدلات النمو بفضل إصلاحات التنويع الاقتصادي والتغيرات المرتقبة في إنتاج النفط، بينما أبدى تفاؤله حيال آفاق اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، التي تستعد لتحقيق مستويات نمو متقدمة على المدى المتوسط.
جاء ذلك في أحدث إصدار من تقرير البنك الدولي حول “المستجدات الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي”، الصادر اليوم الخميس، والذي حمل عنوان “إنفاق ذكي ونواتج اقتصادية أقوى: سياسات المالية العامة من أجل ازدهار دول مجلس التعاون الخليجي”.
نمو متسارع للسعودية بدعم من التنويع وتحرير الإنتاج
ووفق التقرير، من المتوقع أن يرتفع معدل نمو الاقتصاد السعودي إلى 2.8% في عام 2025، بعد أن كان قد تراجع إلى 1.3% في عام 2023، على أن يصل متوسط النمو إلى 4.6% في الفترة ما بين عامي 2026 و2027.
وأشار البنك إلى أن الإلغاء التدريجي لتخفيضات الإنتاج الطوعية من جانب “أوبك+” سيسهم في تعزيز الناتج المحلي النفطي، ليرتفع بنسبة 6.7% في عام 2026، ثم 6.1% في عام 2027.
في الوقت ذاته، من المتوقع أن يستمر الناتج المحلي غير النفطي في النمو بوتيرة مستقرة، بمعدل 3.6% في المتوسط خلال الفترة من 2025 إلى 2027، في ظل مواصلة المملكة تنفيذ برامج التنويع الاقتصادي ضمن رؤية السعودية 2030.
تحسن ملحوظ في أداء دول الخليج.. ونمو غير نفطي يقود التعافي
وعلى صعيد دول مجلس التعاون الخليجي ككل، رجح البنك الدولي أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي 3.2% في عام 2025، على أن يرتفع إلى 4.5% في 2026، مدفوعًا برفع قيود إنتاج النفط وتوسّع القطاعات غير النفطية.
وسجلت اقتصادات الخليج نموًا بنسبة 1.7% في عام 2024، مقارنة بـ 0.3% فقط في عام 2023، بدعم من الاستهلاك الخاص، وزيادة الاستثمار، والإصلاحات الهيكلية. كما أظهر القطاع غير النفطي مرونة لافتة، محققًا نموًا بنسبة 3.7%.
تحذيرات من تباطؤ الاقتصاد العالمي.. ودعوات للإصلاح
رغم التفاؤل العام، حذّر التقرير من تحديات محتملة ناتجة عن حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي، خاصة في ما يتعلق بالتجارة الدولية، مما قد يُلقي بظلاله على الأداء الاقتصادي لدول الخليج.
وللحد من هذه المخاطر، شدّد البنك الدولي على أهمية تسريع إصلاحات التنويع الاقتصادي وتعزيز التجارة الإقليمية، مع دعم أنشطة الابتكار وريادة الأعمال وخلق فرص عمل مستدامة.
سياسات ذكية تقود الازدهار طويل الأمد
وفي تعليقها على نتائج التقرير، أكدت صفاء الطيب الكوقلي، المديرة الإقليمية للبنك الدولي لدول الخليج، أن دول المنطقة أظهرت قدرة عالية على الصمود في وجه التحديات العالمية، مشيرة إلى أن السياسات الاستراتيجية التي تركز على دعم المالية العامة والاستثمار المستهدف تُعزز فرص النمو والاستقرار.
وأضافت أن التركيز على الابتكار وتوفير وظائف للشباب يمثل عنصرًا محوريًا في استدامة هذا النمو خلال السنوات المقبلة.
فعالية السياسات المالية تحت المجهر
تناول التقرير بعمق دور السياسة المالية في استقرار الاقتصاد الكلي، خاصة في ظل تقلب أسعار النفط التي لا تزال تمثل مصدر ضغط كبير على موازنات بعض دول الخليج.
وأشار إلى أنه من المتوقع أن تسجل بعض الدول عجزًا متزايدًا في موازناتها خلال عام 2025، وهو ما يبرز أهمية تطوير أدوات أكثر كفاءة للإنفاق الحكومي.
وأظهرت تحليلات البنك أن زيادة الإنفاق الحكومي بمقدار وحدة واحدة تؤدي إلى نمو الناتج المحلي غير النفطي بنسبة تتراوح بين 0.1 و0.45 وحدة. كما أشار إلى أن أثر الاستثمارات الحكومية على الناتج غير النفطي يعتبر هامشيًا، حيث يؤدي ارتفاع الاستثمار بنسبة نقطة مئوية واحدة إلى زيادة قدرها 0.07% فقط في الناتج المحتمل.