المملكة تُدير العقار باقتدار
هاني خاشقجي
ليس بعيداً عن تطلعات رؤية 2030، أن يصبح للمملكة قطاع عقاري متطور ومزدهر، تديره الدولة بكل حكمة واقتدار، وتعمل على توجيه بوصلته صوب مسارات بعينها، وضبطه إذا لزم الأمر، وذلك بهدف رئيسي، وهو تحقيق تطلعات ولاة الأمر، بأن يساهم هذا القطاع في تعزيزمسيرة الاقتصاد الوطني، من خلال توفير منتجات عقارية متنوعة، لا غنى عنها في جميع القطاعات الاقتصادية الأخرى.
وقبل فترة، ارتفعت أسعار المنتجات العقارية في الرياض بشكل جنوني، مما أربك حسابات المواطن العادي الباحث عن سكن جديد يمتلكه أو يستأجره، كما أربكت حسابات المطور العقاري والمستثمر الذي يضخ بعض استثماراته في مشاريع عقارية، فما كان من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلا أن وجه في ليلة عيد الفطر الماضي، بمعالجة أوضاع القطاع، وضبط الأسعار، من خلال تفعيل خمسة إجراءات حاسمة، نجحت اليوم في دفع أسعار العقارات في مناطق العاصمة إلى التراجع التدريجي، وبث الطمأنينة في نفوس الجميع، عبر التأكيد لهم بأن الدولة لا ترضى أن يتلاعب أحد بمنتجات العقار، التي يجب تأمينها لمن أراد، دون مُغالاة أو احتكار مُتعمد.
هذا المشهد بكل تفاصيله، يؤكد حقيقة واضحة، وهي أن المملكة تنظر إلى إلى “السكن” على أنه من أهم مسببات تعزيز الأمن الاجتماعي، الذي هو حق أصيل لكل مواطن، ويسعى إليه بشتى الطرق، من خلال الحصول على منزل يعيش ويشعر فيه بالإمان، سواء على نفسه أو أسرته أو أمواله، ولأهمية هذا البند، لطالما تبنت حكومات المملكة تأمين المنتجات العقارية، وسخرت لهذا الأمر إمكانات فنية وبشرية هائلة، بما يضمن توفيرها للمواطنين والمستثمرين بأسعار مناسبة.
أستطيع التأكيد على أن الإجراءات الخمسة التي وجه بها سمو ولي العهد، كانت حاسمة في سرعة ضبط أسعار العقارات في الرياض، ليس لسبب سوى أنها كانت شاملة لكل أسباب المشكلة، وهو ما ساهم في معالجة عشوائية القطاع، بداية من الإجراء المهم برفع الإيقاف عن التصرف بالبيع والشراء، والتقسيم والتجزئة، وإصدار رخص البناء واعتماد مخططات أراضي واقعة شمال العاصمة، مع توفير ما بين 10و40 ألف قطعة أرض سكنية مخططة ومطورة للمواطنين سنوياً، خلال السنوات الخمس القادمة، وبأسعار لا تتجاوز 1500 ريال للمتر المربع، واتخاذ إجراءات نظامية لإصدار تعديلات مقترحة على نظام رسوم الأراضي البيضاء بصورة عاجلة.
ولم تتغافل الإجراءات بند الإيجارات، إذ شددت على ضرورة ضبط العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين بما يكفل تحقيق التوازن بين مصالح الأطراف، ولضمان الجدوى من تلك الإجراءت، تم تكليف الهيئة العامة للعقار والهيئة الملكية لمدينة الرياض برصد ومراقبة أسعار العقار في الرياض والرفع بتقارير دورية، وأفدت هه التقارير إلى أن أسعار العقارات تتخذ خطاً هابطاً، يبشر بمذيد من التراجع في الفترة المقبلة.
إن ما يشهده قطاع العقار اليوم من تحول ملحوظ في خريطة أسعار منتجاته، من الارتفاعات الجنونية إلى الهدوء والاستقرار، يبعث برسالة اطمئنان إلى المواطن والمستثمر، بأن الدولة تتبنى ملف الإسكان، وتشرف عليه، وتحرص على أن زيادة نسبة التمليك في المجتمع السعودي، وهو ما يدفعها إلى الوقوف بالمرصاد أمام أي محاولات لاحتكار منتجات العقار، أو المغالاة في أسعارها، وثانيها أن الدولة تسعى للوفاء بكل ما وعدت به في رؤية 2030 الطموحة، بتوفير السكن لكل مواطن ومواطنة، بطرق مدعومة وميسرة.
@khashogjisa