تزخر منطقة الباحة بعدد من القرى التاريخية التي تحتضن بيوتًا حجرية عريقة، شكّلت عبر القرون نموذجًا فريدًا للهندسة المعمارية التقليدية في جنوب المملكة، وأظهرت قدرة الإنسان على التكيف مع البيئة الجبلية واستثمار مواردها الطبيعية بمهارة.
وأوضحت وكالة الأنباء السعودية «واس» أن هذه البيوت، المشيّدة من الصخور المحلية، تتميز بمتانتها وتصميمها الذي يراعي الظروف المناخية القاسية، إذ تُشيّد جدرانها السميكة لتوفير عزل حراري طبيعي يقي من حرارة الصيف وبرودة الشتاء، وتُدعم بأسقف خشبية صُنعت من أشجار العرعر والسدر، مع فتحات نوافذ صغيرة تحافظ على اعتدال درجة الحرارة داخل المنزل.
ولا تزال قرى تاريخية مثل **ذي عين، الأطاولة، الموسى، دار عوضه، ونزل العايد**، تحتفظ بعدد من هذه المباني التي تحوّلت إلى معالم سياحية وثقافية بارزة، تجذب الزوار والمهتمين بالتراث، بالإضافة إلى كونها شاهدة على الحرف اليدوية والمهارات المعمارية الأصيلة التي توارثها أهالي المنطقة جيلاً بعد جيل.
وبيّن المشرف على إحدى القرى التراثية في الباحة محمد سعد الزهراني لـ«واس»، أن هذه البيوت الحجرية ليست مجرد مساكن عادية، بل تعد ذاكرة مكانية وثقافية للمجتمع المحلي، وتحمل بين جدرانها قصصًا وحكايات تعكس طبيعة الحياة الاجتماعية والاقتصادية التي عاشها الآباء والأجداد، مؤكداً أنها تُبرز عمق الانتماء للأرض، وتعبّر عن إبداع الإنسان في توظيف المواد الطبيعية لبناء مساكن ملائمة لتضاريس المنطقة ومناخها الجبلي.
وأشار الزهراني إلى أهمية تكثيف الجهود للمحافظة على هذه المباني التاريخية وترميمها بأساليب تحافظ على هويتها المعمارية التقليدية، مشددًا على أن حماية هذا الإرث العمراني تسهم في تعزيز التنمية السياحية بالمنطقة، وتشكل مصدر إلهام للمعماريين المعاصرين لاستلهام عناصر التصميم التقليدي في المشاريع الحديثة.