السعودية تقود المستقبل العقاري: ابتكار.. رقمنة.. واستدامة
د. حمود الفالح
تواصل السعودية مسيرتها الطموحة نحو الريادة العقارية، مستندة إلى رؤية 2030 التي جعلت من تطوير القطاع العقاري ركيزة استراتيجية لتنويع الاقتصاد الوطني.
فلم يعد العقار مجرد بناء أو استثمار تقليدي، بل تحوّل إلى فضاء للابتكار التكنولوجي والشراكات العالمية، وأصبحت الفعاليات العقارية في المملكة محط أنظار المراقبين حول العالم.
ففي عام 2025، تواصل السعودية مسيرتها بثبات نحو الريادة العقارية، مدفوعة بدعم حكومي قوي، ورؤية استراتيجية من خلال فعاليات نوعية كـ«عقار ثون» والقمة العالمية للبروبتك، تترسخ السعودية كمركز محوري على الخارطة العقارية العالمية، وتتحول من مستهلك للتقنيات إلى صانع للتغيير.
في العاصمة الرياض، تستعد الهيئة العامة للعقار، بالشراكة مع جامعة اليمامة، لإطلاق فعالية “عقار ثون 2025” خلال الفترة من 29 سبتمبر إلى 1 أكتوبر. هذا الحدث، الذي يأخذ شكل هاكاثون تنافسي، يجمع نخبة من العقول الشابة: مبدعين، ومبرمجين، ورواد أعمال، لابتكار حلول رقمية للتحديات العقارية، بدءًا من إدارة الأملاك وصولًا إلى تسريع المعاملات. ويعكس هذا التوجّه إيمان المملكة بأن الجيل الجديد هو محرك التحول، وأن التقنية لم تعد خيارًا بل ضرورة لخدمة الإنسان والبيئة والاقتصاد.
تستضيف الرياض في أكتوبر القمة العالمية للبروبتك، بمشاركة خبراء من أكثر من 80 دولة، لبحث تحولات السوق العقاري، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين والواقع الافتراضي. وتُعد البروبتك – التقنية العقارية – محورًا أساسيًا في رؤية 2030، إذ تسهم في تعزيز التنافسية من خلال منصات ذكية تدعم الابتكار، وتُرسّخ الشفافية والموثوقية في التعاملات العقارية.
السعودية، التي أطلقت خلال السنوات الأخيرة حزمة من المنصات الرقمية كالمؤشرات العقارية، ونظام التسجيل العقاري الإلكتروني، تؤكد التزامها بالشفافية، والحوكمة، وتهيئة بيئة جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين. وتشير الأرقام إلى أن السوق سجل أكثر من 96 ألف عقد وساطة عقارية في الربع الأول من عام 2025، بزيادة 97% عن العام الماضي، ليصل الإجمالي إلى أكثر من نصف مليون عقد. يعكس هذا النمو وعي المتعاملين والتزامهم بالأنظمة الجديدة، مما يعزز موثوقية القطاع العقاري.
في ظل الحراك العقاري المتسارع، تتصدر السعودية المشهد بوصفها بيئة استثمارية واعدة تجمع بين الإمكانات الاقتصادية الهائلة، والدعم الحكومي الممنهج، والرؤية الاستشرافية التي ترسم ملامح المستقبل من خلال مبادرات نوعية مثل «عقار ثون» والقمة العالمية للبروبتك، تُرسِّخ المملكة مكانتها كمركز محوري على الخارطة العقارية العالمية، لا بوصفها تابعًا للتحولات، بل صانعًا لها.
ومع تسارع الخطى نحو هذا المستقبل المزدهر، يبقى التحدي الحقيقي في الحفاظ على التوازن بين الطموح الكبير ومتطلبات الاستدامة طويلة الأمد، غير أن هذا التحدي، بكل ما يحمله من تعقيد، تواجهه السعودية بخبرة متراكمة، وعزم لا يلين، ورؤية ثاقبة تجعل من التحول العقاري أداة للنمو الشامل، لا مجرد هدف مرحلي.