تمثل خطوة شطب أسهم مجموعة تشاينا إيفرجراند من بورصة هونغ كونغ، المقررة في 25 أغسطس الجاري، فصلاً جديداً في أزمة العقارات التي تضرب الصين منذ أربعة أعوام، وتواصل الضغط على ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
الشركة، التي كانت يوماً أكبر مطور عقاري في البلاد من حيث المبيعات، تتعرض اليوم لانهيار هو الأكثر رمزية منذ بدء الأزمة، بعد تعليق تداول أسهمها لعام ونصف العام، وكشف المصفّين أن ديونها الفعلية تصل إلى نحو 350 مليار دولار هونغ كونغي (45 مليار دولار أمريكي)، وهو ما يفوق التقديرات السابقة بكثير، مع استبعاد إمكانية تنفيذ إعادة هيكلة شاملة.
انهيار رمز الازدهار العقاري
“إيفرجراند” كانت مرادفاً لازدهار سوق الإسكان الصيني، لكن سقوطها كشف هشاشة القطاع، مع تراجع ثقة المستهلك، وفائض المعروض، وتضخم الديون. المحلل كيني نغ من “تشاينا إيفربرايت سيكيوريتيز إنترناشونال” وصف المشهد بأنه “لحظة مفصلية” ستترك أثراً عميقاً على المستثمرين، وفقاً لموقع “بلومبرغ”.
القيمة السوقية للشركة بلغت ذروتها بأكثر من 50 مليار دولار في 2017، لكنها تخلفت عن سداد سندات دولارية لأول مرة في ديسمبر 2021، لتصبح العنوان الأبرز لأزمة مطورين سجلت رقماً قياسياً من حالات التعثر. ورغم الحوافز الحكومية، ما زالت مبيعات العقارات في 2025 ضعيفة، ما دفع محللين إلى تأجيل توقعات التعافي حتى منتصف أو نهاية 2026.
أزمة أوسع في السوق
تراجع السوق لم يقتصر على “إيفرجراند”، إذ شهدت هونغ كونغ ستة أوامر تصفية لمطوري عقارات منذ 2021، آخرها تصفية “تشاينا ساوث سيتي هولدينغز”. ويقدَّر حجم الديون المتعثرة لمطوري الصين بنحو 150 مليار دولار، فيما تواجه شركات، بينها “سونّاك تشاينا”، إعادة هيكلة ثانية بعد فشل خطط سابقة.
تحديات التصفية
عملية تصفية “إيفرجراند” معقدة للغاية، إذ تضم أكثر من 3,000 كيان قانوني في عدة دول، ونحو 1,300 مشروع في أكثر من 280 مدينة. المصفّون يديرون حالياً أصولاً تقدر بـ27 مليار دولار هونغ كونغي، بينها شركات ومشروعات عقارية وخدمات مرتبطة بالشركة.
حتى الآن، أسفرت عمليات البيع عن 255 مليون دولار فقط، منها 167 مليوناً تم تحويلها إلى الشركة الأم، وسط توقعات بعوائد محدودة للدائنين، حيث قدّر تحليل سابق لشركة “ديلويت” معدل الاسترداد للدائنين غير المضمونين خارج الصين بـ 3.53% فقط.
المحلل نغ يرى أن الشطب قد يزيد الضغوط على أسهم المطورين الصينيين الآخرين، ويبعث رسالة تحذيرية للمستثمرين بضرورة التعمق في دراسة أوضاع الشركات قبل الانجراف وراء نمو أرباحها السريع.