التوكن العقاري … من التملك بالحجر إلى التملك بالرمز
د. عماد العبد الرحمن
وسط التحولات الكبرى التي يعيشها الاقتصاد السعودي في ضوء الرؤية السديدة 2030، يتجه قطاع العقار إلى مرحلة مفصلية لا تقل أهمية عن طفرة التمليك أو برامج الإسكان. إنها مرحلة «رقمنة الملكية العقارية» من خلال ما يُعرف عالميًا بـ «توكن العقار» أو (Real Estate Tokenization)، وهي نقلة نوعية تحمل في طياتها أبعادًا اقتصادية واستثمارية غير مسبوقة، وتفتح بابًا واسعًا لتنويع مصادر الدخل الوطني، بما يتجاوز مفهوم العقار كمجرد أصل جامد أو وسيلة سكن.
ويمكننا تعريف التوكن العقاري أنه “وحدة رقمية تمثّل حصة ملكية في عقار فعلي، يتم تداولها على منصات استثمارية معتمدة ومدعومة بتقنية «البلوك تشين». هذا يعني أن عقارًا بقيمة 10 ملايين ريال يمكن تقسيمه إلى 100,000 توكن، كل منها يمكن تملّكه وبيعه وتوريثه بشكل قانوني، دون الحاجة لشراء العقار كاملاً أو المرور بالإجراءات التقليدية المرهقة.
ومن خلال التوكن العقاري سيكون لأول مرة في تاريخ السوق العقاري، بإمكان الشباب، وأصحاب الدخول المتوسطة، وحتى المستثمر الأجنبي، الدخول إلى سوق العقار السعودي بمبلغ بسيط قد لا يتجاوز 1,000 ريال.
ولتكون النتيجة تحوُّل كبير في فلسفة التملك من «احتكار فردي» إلى «مشاركة جماعية». ويعد التوكن العقاري فرصة تحريك السيولة الراكدة، وزيادة عمق السوق، وتوسيع دائرة المستفيدين من العوائد العقارية.
وبذلك يشكل رافدا جديدا لتنويع مصادر الدخل الوطني فمن الناحية الاقتصادية، يُعد «توكن العقار» رافدًا واعدًا في منظومة تنويع مصادر الدخل غير النفطية من خلال:
استحداث سوق جديدة بالكامل لتداول العقار عبر رموز رقمية، مما يخلق تدفقات مالية جديدة للدولة من رسوم تداول وضريبة القيمة والتسجيل.
وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر دون الحاجة لتملك العقار كاملاً، وهو ما يرفع من جاذبية السوق العقاري السعودي في ظل قوانين الملكية الجديدة.
وتمكين الشركات التقنية الناشئة في مجالات البلوك تشين، الأمن السيبراني، التمويل العقاري الرقمي، ما يفتح فرص عمل ويعزز المحتوى المحلي.
إضافة إلى تحسين كفاءة الأصول العقارية عبر تشغيلها وتداولها بدل تركها مغلقة أو مجمدة وبهذه المعادلة، يتحوّل العقار من أصل صامت إلى محرك اقتصادي نشط يرفد الناتج المحلي ويغذّي الاقتصاد الوطني بروافد رقمية مستدامة.
كاتب اقتصادي