رسوم الأراضي البيضاء: مواجهة للاحتكار وسوق مستدام
د.حمود الفالح
في ظل التحولات المتسارعة بالقطاع العقاري السعودي، تشكل التعديلات الجديدة على رسوم الأراضي البيضاء والعقارات الشاغرة منعطفاً حاسماً في مسار الإصلاح بعد سنوات من احتجاز مساحات شاسعة داخل النطاقات العمرانية دون استغلال، أسهم هذا الجمود في ارتفاع الأسعار وضيق فرص التملك.
لم تعد هذه التعديلات مجرد تحديثات شكلية، بل تحمل رسالة واضحة: الأرض مورد للتنمية لا للاحتكار. فبعد ثبات الرسوم عند 2.5% لعقود، أصبحت مرنة تصل إلى 10% وفق التقدير، كما امتدت لتشمل العقارات الشاغرة برسوم تبدأ من 5% من قيمة الإيجار السنوي.
توحد التعديلات المراحل السابقة في مسار أكثر صراحة ووضوحاً، يستهدف الأراضي التي تزيد على 5000 متر مربع داخل النطاق العمراني، مع منح ملاكها مهلة 90 يوماً قبل تطبيق الرسوم، تحقيقاً للتوازن بين الحزم والمرونة.
اقتصادياً، يتوقع أن تسهم هذه الإجراءات في زيادة المعروض السكني 15-20% خلال السنوات المقبلة، مما ينعكس على استقرار الأسعار وتقريب حلم التملك، وتوجيه الاستثمارات نحو مشاريع إنتاجية بدلاً من المضاربات غير المجدية.
تنظيمياً، صدرت اللوائح التنفيذية لتوضيح آليات الاحتساب والإعفاءات وطرق التبليغ، مع ضمان حق التظلم خلال 60 يوماً، في إطار يرسخ الشفافية والعدالة.
تمتد آثار هذه التعديلات لتشمل تعزيز جاذبية السوق للاستثمارات الأجنبية عبر نظام أكثر وضوحاً وعدالة، فمع كل متر أرض يتحرر من الجمود، تخطو المملكة خطوات واثقة نحو مدن أكثر حيوية وأسواق أكثر نضجاً واقتصاد أكثر تنوعاً.
ختاماً، تمثل هذه اللحظة تحولاً جوهرياً في الفلسفة الاقتصادية، تنتقل بالعقار من كونه أداة ادخار سلبية إلى محرك ديناميكي للتنمية، هذه الرؤية الجريئة لا تهدف فقط لبناء سوق أكثر عدالة وكفاءة، بل لتحويله إلى عنصر حيوي في دورة اقتصادية متكاملة تواكب طموحات رؤية 2030، نحو مستقبل أكثر جاذبية وشفافية واستدامة للجميع.